قانا.. جريمة جديدة

TT

تاريخ الانسانية فيه الكثير من السجلات السوداء، وأبرز ما في هذه السجلات هو جرائم الابادات، التي تقوم على تنفيذها العصابات والمليشيات وجيوش الدول النظامية. والجريمة البشعة الاخيرة التي اقدمت اسرائيل على تنفيذها ضد مجموعة الاطفال والنساء والشيوخ في قرية قانا اللبنانية، تندرج تحت مسمى الجرائم القذرة. وهذه الجريمة ليست الاولى التي تقدم اسرائيل على القيام بها، فلاسرائيل سجل هائل من هذه النوعية من الجرائم، ويعود هذا التاريخ الى ما قبل الاعلان الرسمي عن تأسيس اسرائيل. فعصابتا الهاجانا وشتيرن، اللتان كان يتزعمهما مناحيم بيجن واسحاق شامير (اللذان اصبحا بعد ذلك رئيسي وزراء في الحكومة الاسرائيلية)، قامتا بمجموعة من ابشع الجرائم والاغتيالات، لعل أشهرها كان مذبحة دير ياسين. اسرائيل اعتادت على «صمت» المجتمع الدولي تجاه الجريمة التي تقوم بها، وازدادت الجرائم بشاعة وعنفا، واصبحت جزءا من السياسية الخارجية للدولة واصبحت مشاهد القتل بطائرات الاباتشي والقنابل الذكية والعنقودية والغازات السامة وطائرات الأف 16 رموزا للارهاب ووسائل لتحقيق أبشع الجرائم. مرة أخرى تشهد قرية قانا مأساة اجرامية بشعة بتوقيع اسرائيلي بامتياز، فهذه القرية سبق أن كانت ضحية لجريمة من نفس النوعية إبان حقبة شيمون بيريز كرئيس للوزراء، وهي الحقبة التي لم تدم طويلا، إلا أنه أبى إلا أن يكون في سيرته الذاتية مكان للجريمة والارهاب، أسوة بزملائه الآخرين من رؤساء الوزراء في اسرائيل. الصمت الدولي لم يعد فقط معيبا ولكن دوله فقدت الالزام الاخلاقي والمسؤولية الادبية إزاء كل السياسات والمبادئ والشعارات، التي يطلقونها مهما كانت جادة ومطلوبة، طالما استمر الكيل بمكيالين، خصوصا في تجاوزات اسرائيل وجرائمها المنظمة. اسرائيل لم تعد فقط دولة مارقة ولكنها تتصرف كعصابة مافيا دنيئة «ضمنت» تعاون مدير الشرطة في المدينة، التي تنفذ وتمارس الجريمة فيها. وهذا بحد ذاته لم يعد فقط اجراما، ولكنه افلاس اخلاقي وانعدام مسؤولية من الجميع ايا كانوا.

[email protected]