الناطحون!

TT

وضعت العصا على الصاد، في العنوان، عمدا لأنني أقصد النطح لا النصح! فما شاهدناه في مقابلة وزير خارجية قطر الأخيرة كان نطحا سياسيا، على طريقة صديقنا زيدان.

معالي الوزير خرج لنا على أنه يقدم النصح للدول العربية التي قالت كلمتها، بكل وضوح، في الحرب الدائرة في لبنان، بالغمز واللمز في تلك الدول دون أن يسميها، حيث صور معاليه تلك الدول بالخائنة، وإن كان المحاور لم يقصر في تسميتها.

لن أتحدث عن السعودية، أو الأردن، لكنني سأقف عند مصر. فعندما أقول النطح، فهذا ليس ردحا، أو هجوما شخصيا، ولكن كيف لنا أن نصدق آذاننا ونحن نسمع حديث الوزير، خصوصا ونحن نعرف تاريخ الصراع المصري ـ الإسرائيلي، التاريخ الذي ننتقد بعض محطاته، والتاريخ الذي خاضت فيه مصر الحروب من أجل العالم العربي.

خسرت مصر ما خسرت، وعادت للسلام من بوابة أكتوبر التي لم تأت من ميليشيا، أو دويلات بل كانت نتاج عمل عربي مشترك عنوانه الأكبر مصر والسعودية. مصر خبرت الحرب، والسلم! هل أدافع عن مبارك؟ أستطيع أن أفرد قائمة انتقادات للرئيس مبارك، لكن لن يذكر التاريخ يوما أن محمد حسني مبارك كان مقامرا بمصالح بلاده، وأمنها الاستراتيجي، بل حماها من المغامرات و«المغامرين»! ويبدو أن ذلك لم يعجب معالي الوزير!

أما حديث الوزير عن بحث قضايا الإرهاب من جذورها، ومن غذاهم فكريا، ومن أطلقهم، فاتفق معه تماما، فلا بد أن نعرف من احتضنهم إعلاميا، ومن حمى خالد شيخ محمد في مزرعة، ومن هو الوزير الذي يخضع تحت الإقامة الجبرية وكان يمنح الهويات المزورة، ومن الذي منح الإرهابي المغربي يونس الحياري جواز سفر بلاده.

أما اعتراف الوزير بوجود المكتب التجاري الإسرائيلي، وتشديده على ضرورة العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، وتأكيده على أن علاقة قطر بإسرائيل هي لفائدة العالم العربي، وقضاياه، فهو حديث من امسك بالجرم المشهود، فحول صدمة الفضيحة إلى اعتراف «شجاع»! . والحقيقة لا أحد يملك معاقبة قطر، لكن المهم أن يرصد التاريخ ويسجل هذه المواقف، لأن قناة الوزير لم تغط لنا يوما مواقف قطر، أو الطيار الذي يغادر الدوحة ناقلا القنابل الذكية، بدلا من «الطيار» الذي جاؤوا به من الرياض يتحدث عن قضية محلية بحتة، اتضح زيفها.

أهمية اعتراف الوزير انه سيأتي يوم ويعرف ضحايا قانا المكلومة من يتاجر بدمائهم، ومن يحزن عليهم كما عرف أهل العراق اليوم. قانا التي سيطول صراخها في ضمائرنا، ستتكرر، للأسف، ما دامت السياسة لدينا عبثا وتسجيل مواقف، لا عملا من أجل حماية الأبرياء.

فيا معالي الوزير وان كنا قبلنا، وتعاطفنا، مع نطحة زيدان فذلك لأن الإثارة جزء من الرياضة، لكننا نرفض النطح السياسي، لان السياسة عقلانية. وعلينا أن نتذكر دائما، أن في السياسة، والهوس بالشعبية، ما كل من نطح ربح، ولا كل من نصح فلح!

[email protected]