هل تريد ولداً أم بنتاً؟!

TT

في منتصف الخمسينات الميلادية، وجه سؤال لطبيب مشهور في مجلة طبية متخصصة: هل نستطيع أن نعرف جنس المولود قبل ولادته؟! وكان الجواب القاطع كالتالي: كلا، بل مستحيل.

والآن ونحن في بداية القرن الواحد والعشرين، نستطيع أن نعرف جنس المولود، بل ومن الممكن منذ البداية أن نختار هل نريده ولداً أم بنتاً، وهذا أمر مقدور عليه علمياً ومجرّب، ونسبة نجاحه تفوق 97%.

أقول هذا تذكيراً لمن يريدون أن يسدوا أبواب العلم في وجه ديننا الوضاء، إما عن جهل أو عن سذاجة، لأنهم طوال قرون، والى ما قبل عدّة عقود وهم يصرخون بغضب في وجه كل من يبشرهم بقدرة العلم على فتح آفاق جديدة ومفيدة وجميلة في حياة الإنسان بمشيئة الله تعالى، غير أنهم يجابهونه بجملة ثابتة وهي: إن الله وحده هو الذي يعلم ما في الأرحام، وهذا صحيح، غير أن الله عز وجل عندما أكد ذلك، فإنه يعلم فوق جنس المولود ما سوف يتبلور عليه، وما سوف يكتسب من الصفات والمزايا والمساوئ ونقاط الضعف ودرجات الذكاء والشجاعة والتكوين الجسماني وغير ذلك.

وهؤلاء الذين يفسرون القرآن الكريم حسب آرائهم ويصرون و(يتتربون) عليها، أنهم بتحجرهم هذا لا يحرجون القرآن، وإنما يهزئون أنفسهم، عندما يكتشف أو يخترع العلم ما يدحض قناعاتهم، فتجدهم إما أن يركبوا رؤوسهم ويصبحوا أضحوكة للآخرين، أو يتراجعوا ويلتفوا على تفسيراتهم ويلحسوها ولا يرددوها أو يذكروها أبداً، وكأن شيئاً لم يكن.

في اعتقادي الذي أتمنى ألا أكون مخطئاً به، أن هؤلاء المجتهدين الذين يرهقون أنفسهم، بالنبش، والصياغة، والتركيب، والتأويل، والعسف، ولي أعناق الكلمات، وهدفهم النهائي هو: (التفسير العلمي للقرآن)، أقول: انه لم يجن على هدف القرآن العظيم، أكثر من جناية هؤلاء المتحذلقين، فلا القرآن ولا الإسلام في حاجة إلى مثل تلك التفاسير لكي تثبت عظمته، فالقرآن بحد ذاته معجز لا يدخله الباطل من أي اتجاه كان، فيما العلم متغير ومتحرك، قد تنهدم بعض نظرياته، وقد تزول بعض مسبباته، فالقرآن ليس كتاب فيزياء ولا كيمياء ولا رياضيات ولا فلك ولا جيولوجيا، القرآن كلام الذي يعلم الجهر وما أخفى.

رسولنا الكريم قال لنا: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، والقرآن المجيد تنزل عليه من اجل أن تسود هذه المقولة الرائعة.. وأكبر دلالة على أن رسولنا الكريم قد أكد وفتح الباب لنا على مصراعيه عندما قال: انتم أدرى بشؤون دنياكم، فهل هناك ابلغ واكثر صراحة من هذا القول؟!

فيا ليت هؤلاء المتعبين لأنفسهم، والمتعبين لنا كذلك، يكفون عن خيالاتهم، ويضعون القرآن الكريم الذي هو أقدس كلام نزل على وجه هذه البسيطة، ليتهم يضعونه حيث هو في أعلى مكان، فهو اكبر وارفع وأجل من كل علم، وكل تفسير علمي (يشنشن) به كل متعالم يريد أن يصدع به أدمغتنا.

[email protected]