حسنا.. لنذهب لنتناول البيتزا

TT

كنت اعتصر آخر الدموع في فنجان الشاي بأحد المقاهي السياحية في إحدى العواصم العربية، حينما راح صاحب المقهى المتجهم الوجه يتعامل مع الزبائن باستعلاء وعنجهية، ولا يتردد في القول إنه يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب جنسيته في ذلك البلد.. وقد دفعني هذا النموذج الغبي لأن أسأله عن علاقة جنسيته الأميركية بما يفعل، فراح يهدر بكلمات جوفاء كأنها تنطلق من أعماق طبل، وأدركت أن هذا الرجل مجرد نموذج مصغر لحالة جنون العظمة التي تتلبس بعض «المتأمركين» من أبناء العالم الثالث.

حرصت أن أنبذ من انتباهي صورة ذلك الرجل الغبي، فتناولت صحيفة من أمامي، ورحت اقرأ عن غير قصد ما صرح به الشاب الأميركي ستيفن غرين، وهو جندي أميريكي سابق متهم باغتصاب فتاة عراقية في «المحمودية» في مارس (آذار) الماضي وقتلها وثلاثة من أقاربها، إذ يُنسب إليه قوله: «أتيت إلى العراق لأنني أردت أن أقتل الناس»، وقوله أيضا: «هناك ـ في العراق ـ قتل إنسان يشبه سحق نملة.. أعني انك تقتل شخصا ثم تقول: حسنا لنذهب لتناول البيتزا».

وقد تداعى إلى الذهن في تلك اللحظات موقف تلك المجندة الأميركية ليندي إنغلند التي حينما رأت صورتها على شاشات التلفزيون لأول مرة، وهي تجر سجينا عراقيا بمقود للكلاب مربوط حول عنقه، لم تفعل شيئا يعبر عن الندم بل واصلت أكلها وانصرفت، وكأن شيئا لم يكن.

ويُحسَب لأميركا إيجابا إحالتها جنديها سفاك الدماء، غرين، إلى العدالة، كما أرسلت قبله إنغلند، فهذه وذاك وغيرهما رغم أدوارهم السلبية الخطير على سمعة أميركا إلا أنهم في كل الأحوال لا يمثلون المجتمع الأميركي في صفائه ونقائه الذي عرفته وعايشته سنوات خلال حقبة السبعينات، فللإنسان بأميركا قيمته وأهميته وكينونته، وهذه البقع السوداء الطافية على سطح الصورة آمل أن تكون مجرد شوائب مرحلية طارئة في تاريخ أميركا.. فهذا البلد الذي ينفق سنويا ملايين الدولارات على مؤسسات إعلامية وتعليمية وغير ذلك لتحسين سمعته في الشرق الأوسط، تبدد غاياته قلة أميركية تتعامل مع الآخر بسيكولوجية «الكاوبوي» الذي يرى العالم مجرد مجموعات من الهنود الحمر ليس ثمة ما يمنع من انقراضها.

[email protected]