أوقفوا الحرب لو سمحتم

TT

في كلمته الأخيرة طلب السيد حسن نصرالله، الأمين العالم لحزب الله، من الحكومات العربية، إن كانوا رجالا ولو مرة واحدة، أن يطلبوا من أميركا وقف إطلاق النار.

ولم أفهم أن كان ذلك طلبا أو أمرا أو مجرد شتيمة. سياق الكلام ينبئ بأن السيد حسن يريد أن يستحث الحكام العرب على التوسط لوقف الحرب، وهي ليست المرة الأولى التي يطرح فيها رغبته هذه، وهي نفس النداءات التي وجهتها كل الحكومات العربية، حيث نادت من أول أسبوع بوقف إطلاق النار. فالمعركة منذ يومها الرابع اتضح للجميع أنها صارت حربا واسعة، وبعدها تنادى العرب بلا استثناء يستنكرون ما يحدث ويشجبونه، وبعضهم أرسل مبعوثين يستنهضون الأطراف الدولية للضغط على اسرائيل وإيقاف التدمير المستمر.

لهذا لا أفهم كيف تطلب من الغير مساعدتهم، وفي نفس الوقت تعيرهم وتنتقدهم؟

وهذا يذكرني بالنكتة المصرية التي تقول إن باشا في زمن الثورة المصرية نزل الى السوق يجرب بيع الخضار، وصار يصيح بأعلى صوته «يا بهايم.. عاوزين خضار؟!».

الأكيد أن حزب الله في حاجة الى كل مساعدة حتى من الذين قد لا يتفقون معه، مثل معظم الحكومات العربية في المنطقة على الرغم مما تدعيه من تأييد ومساندة. والأكيد ايضا ان بعض الحكومات العربية مستعدة للسير الى أبعد من ذلك، وطاف مندوبوها كل عواصم التأثير يحاولون ايقاف الحرب. ومهم أن نفهم لماذا. فالجميع تقريبا في العالم العربي مقتنعون بأن الحرب لن تضر بحزب الله، بقدر ما تضر بالناس العاديين والمنطقة بشكل عام، كما اثبتت كل الحروب الماضية. رأي العرب هذه المرة نابع من صدق، لأنها تدري أن تهجير مليون انسان وقتل وجرح آلاف من الناس وتدمير بنية بلد أمضى عشر سنين يكافح من أجل بنائه امر مرفوض. فالمعركة مع حزب الله يجب الا تحققها اسرائيل على حساب بلد بأكمله وتعرض المنطقة لمخاطر كبيرة.

وهو أمر لا بد أن يدركه حزب الله ان لا أحد في المنطقة، مهما تباعدت الأفكار والمواقف، يؤيد الحرب. الدوافع الأميركية والإسرائيلية تعتقد أن تدمير ربع قوة حزب الله، يستأهل حربا مهما طالت وأذت المدنيين، وهو لا يطابق وجهة اي نظر عربية مهما اختلفت مع ايران أو سورية المتهمين في هذه الأزمة.

والسيد نصر الله، بخلاف القادة العرب الذين خاضوا حروبا أفقدتهم صوابهم، هو زعيم يزن كلامه بدقة. يخاطب جمهوره بلغة حماسية وعاطفية، وفي نفس الوقت محترمة، لهذا كان غريبا أن يملأ خطابه الأخير بالايماءات التي قاربت التجريح.

[email protected]