لبنان.. سيناريوهات ما بعد الحرب

TT

إذا كنا نخاف على لبنان من هذه الحرب التي التهمت أرواح أكثر من ألف لبناني، وجرحت أكثر من 3 آلاف آخرين، وشردت قرابة مليوني مواطن، ودمرت الجزء الأكبر من البنية التحتية اللبنانية، فإننا نخاف على لبنان أيضا من مرحلة ما بعد الحرب، خاصة أن لبنان سيجد نفسه في مواجهة مشاريع دولية تأتي من خارجه، وقد لا تراعي حساسيات الداخل، ومن هذه المشروعات المشروع الفرنسي الذي يعتبر الأقرب إلى التبني من قبل المجتمع الدولي، وهذا المشروع يتعارض مع نقاط الرئيس السنيورة السبع في بعض رؤاه، كما يتعارض جذريا مع توجهات «حزب الله» الذي يمثل القوة الرئيسية المهيمنة على الأرض، والتي يستهدف المشروع الفرنسي نزع سلاحها.

وهذا يعني أن القوى السياسية اللبنانية ستجد نفسها في مواجهة قرارات مصيرية عليها أن تتعامل معها بواقعية وإلا وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي هذه المرة، خاصة أن المشروع الفرنسي قد أسقط ـ سهواً أو عمدأ ـ ذكر آليات تنفيذ نزع سلاح المليشيات، وأذكر قولا لرايس حينما سئلت: من سينزع سلاح «حزب الله»، فقالت: اللبنانيون.. ويعلم الجميع أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع نزع سلاح «حزب الله» بالقوة، ولنا أن نتصور حجم الفتنة التي ستثار لو وجدت الحكومة اللبنانية نفسها مجبرة على السير في هذا الاتجاه.. وهناك سيناريو آخر أن تستخدم القوة الدولية الفصل السابع فتذهب إلى حد المواجهة المسلحة مع «حزب الله»، وهذا قد يأخذ لبنان بأكمله إلى نفق أشبه بالنفق الذي دخله العراق ولم يخرج منه بعد.

أما السيناريو الثالث والأخير هو قبول «حزب الله» بأن يتحول إلى حزب سياسي، وهذا الاحتمال بعيد المنال أيضا إن لم يكن في خفايا المشروع الفرنسي بعض الضمانات التي تكفل للبنان استعادة أراضيه التي تحتلها إسرائيل، وكذلك إطلاق سراح أسراه، إذ ربما يجد في ذلك «حزب الله» ما يقنعه ببلوغ غايته وانتهاء دور سلاحه.

هكذا يمكن القول أن الأيام اللبنانية القادمة حبلى بالمجهول، وأن وقف إطلاق النار قد تعقبه أيام حاسمة في تاريخ لبنان، لكن لا يعرف إلا الله مسارها وأثمانها ونهاياتها.

[email protected]