الوصاية على الغرب

TT

طالما دعوت إلى وضع الكثير من دول العالم الثالث تحت الوصاية الدولية. معنى ذلك أن تتولى الدول الغربية مهمة الأوصياء. ولكن المشكلة هي أن هؤلاء الأوصياء هم في أمس الحاجة الى وصي عليهم. العالم مدين للغرب بالكثير من منجزات التقدم الي تنعمت به البشرية منذ فجر الثورة الصناعية. لا أحد منا ينكر ذلك. كيف، والفياغرا شاهد أمامنا؟ بيد أن الغربيين يتحملون مسؤولية الكثير من المصائب التي حلت بالبشرية عموما. لا يمكن أن ننظر الى الكثير منها من دون أن نضعها في إطار السفه والعته المطبق.

خذوا مثلا حماقة وعد بلفور. أصدروه لينقذ اليهود ويعطيهم ملجأ آمنا. لم يستطع ان ينقذ يهوديا واحدا من محرقة النازية، والملجأ الآمن الآن، اسرائيل، هو البلد الوحيد في العالم اليوم الذي يقتل فيه اليهود يوما بعد يوم ولا يشعرون فيه بالأمن إن ركبوا الحافلة او جلسوا في مقهى. ومن حولهم غرق الشرق الأوسط في المآسي والمشاكل منذ صدور الوعد. أفلم يستحق ارثر بلفور وضعه تحت الوصاية وحجره كشخص غير مسؤول مبتلى بالسفه وقصر العقل؟ أفلا تستحق الدولة التي أخذت كلامه مأخذ الجد ان توضع تحت الوصاية؟

أغرق الغربيون العالم برمته تقريبا في حربين عالميتين احرقتا الأخضر واليابس، لا لسبب سوى نزوات في نفوس شلة من المبتلين بالبارانويا والميغالمونيا وشاويش مجنون. لماذا قضي على سائر شعوب العالم بعيدا عن هؤلاء المجانين ان يشقوا لسنوات من الجوع والحرمان والموت بسببهم؟ أفما كان من الأجدر وضع الدول الغربية تحت الحجر والوصاية اتقاء لشرورها وسوء فعلها فيما تعي وما لا تعي؟

وها أنا اقرأ اليوم عن حيرة بريطانيا بشأن ما تفعله بالنفايات النووية المتخلفة من محطات الكهرباء النووية. آخر ما تفتق ذهنهم عنه هو أن يحفروا مخازن كونكريتية لها على عمق لا يقل عن كيلو متر من سطح الأرض. سيضعونها هناك دون ان يعرف أي احد ما الذي سيحصل لهذه النفايات بعد ثلاثة آلاف سنة. مقامرة شنيعة بمستقبل الحياة على الأرض. وكله لماذا؟ لماذا كل هذه المحطات النووية التي هددت الناس في حياتها وستبقى تهددهم بعد انقراضها؟ كله لأن الغرب لا يشبع من شيء.

افلا يقتضي العقل والمنطق والحرص على مستقبل الإنسان وضع هذا العالم الغربي تحت الوصاية، رأفة بالانسان والحيوان وكل ما هب ودب على الارض؟

www.kishtainiat.com