نعم مجرد المقاومة: انتصار!

TT

المقاومة: فطرة، هذا أمر محسوم، وأبسط الأدلة هي مقاومة العين، مثلا، لجسم غريب يدخلها، تستنفر، على الفور، مقاومتها بإفراز سريع من قناتها الدمعية لتغرق «الغريب» في مائها، ومن ثم لدلقه خارج العين.

تنجح العين في عمليتها «الآلية» لتحقيق هدفها أو لا تنجح، هذا أمر آخر لا يوقفها عن المحاولة مرة تلو المرة. المقاومة لا تمنع العين من الاحتقان والالتهاب والألم، لكننا لا نجرؤ على تجريد العين من مقاومتها، الآلية، الفطرية، والتي هي من خصائص تكوينها حين خلقها الله سبحانه وتعالى. إلغاء مقاومة العين يعني الحكم عليها بالعمى. مقاومة العين أو أي عضو آخر في الجسم الإنساني، وأي جسم غيره، دليل «حياة»، وانتفاء المقاومة: موت، وهذا ما يفسر الفرح بالمقاومة ويجعلنا نقول: نعم مجرد المقاومة انتصار.  

ما سبق كله بديهيات فلماذا وجع القلب لترديدها؟

المسؤول عن «الاحتقان» هو الجسم الغريب المتطفل على العين لخرقها. ومسبب «الالتهاب»، ومن ورائه الوجع والقلق والارتباك والشكوى ودفع فواتير العلاج والأطباء..إلخ، هو الواقع الذي أنتجه الجسم الغريب الذي اقتحم العين واحتل حدقتها.

لا يود منطق يقول: من حق الجسم الغريب الدفاع عن وجوده داخل العين وتأمين هدفه لخرقها. لا يوجد منطق، وإن وجدنا قولا يشبه هذا «الكلام» فهو كلام «فارغ» عندما نسمعه نعرف أنه تسويغ لجريمة الذئب المتلمظ لالتهام ضحيته. لا يفيد الضحية محاولتها تفنيد اتهامات الذئب المتغطرس التي تبدأ بقوله:

ـ أنت عكرت مائي!

لترد الضحية: سيدي أنا لا يمكن أن أعكره لأنني عند أسفل المجرى وليس من الممكن أن أعكر الماء.

فيعود الذئب بحجة جديدة: أنت شتمتني العام الماضي. وترد الضحية بقوة: كلا لم أفعل، لأنني لم أكن قد ولدت بعد.

ـ إذن هو أخوك.

ـ ليس لي إخوة!

ـ إذن هو أي أحد من عائلتك أو ممن هُمْ حولك، وقصر الكلام لا بد أن أنتقم!

ثم ينقض قاضما الرقبة.

الحكمة المطلوبة: لابد للضحية أن توفر، من البداية، جهدها وهي ترى أسنان الذئب بادية والشر منها يقتربُ. عليها ألاَّ تجعل من نفسها «ضحية» مأكولة على مأدبة اللئام، ولكي لا تصبح «الضحية» ضحيةً ليس أمامها سوى الحسم بـ«المقاومة»من دون أي إضاعة لوقتها في جدل عقيم «فارغ» من «المنطق»!