بوش يقرأ نعيه بالفرنسية الوجودية!

TT

لا أعرف من هو ابن الحلال الذي أشار على الرئيس بوش أن يقرأ رواية «الغريب» للأديب الفرنسي الوجودي البير كامي الجزائري المولد واللهجة.

ولا من الذي أشار بأن يقرأ رواية «الطاعون» ومسرحية «كاليجولا».. وأسطورة «سيزيف»، وهي من إبداعات كامي!

يا ترى ما الذي أراد أن يعرفه الرئيس؟ ولكي يعرف لا بد أن ينزع نفسه من هموم الدنيا وصداع الشرق الأوسط.. ولا بد أن الذي أشار عليه بذلك يرى أنه في حاجة إلى قراءة كامي.. وهو في حاجة إلى ذلك للتشابه بين أفكاره وهذا الأديب الوجودي، وأن هذه الفلسفة الوجودية هي المنقذ من الضلال السياسي. ولذلك يجب على الرئيس أن يتفرغ تماما ليرى صورته في أعمال كامي.. وأن يدير الدنيا مرة أخرى من خلاله.. فلا الأدب الإنجليزي ولا الأمريكي يساعده على ذلك، وإنما هذا الأديب الذي هو أصغر من فاز بجائزة نوبل في الأدب..

فهل سياسته في الدنيا تشبه مأساة الفتى سيزيف الذي حكمت عليه الآلهة بأن يرفع حجرا إلى قمة الجبل، فيعاود الحجر السقوط إلى السفح ويلاحقه سيزيف إلى القمة والسفح.. والى الأبد. فهل أراد أن يقول للرئيس إن مصائبه متكررة وأخطاءه هي هي في كل مكان، وإن الذي يحاوله هنا هو الذي حاوله هناك، وإنه لا نهاية لعذابه وعذاب الدنيا على يديه؟ ممكن..

هل أراد أن يقول له إنه هو الطاغية كاليجولا، مع أن كاليجولا مستبد في دولة صغيرة عدد سكانها لا يزيد على مليون بينما كاليجولا الأمريكي يزلزل الدنيا باسم الدين والسلام. فكاليجولا الروماني تلميذ في حضانة الرئيس الأمريكي!

هل تعلم الرئيس بوش أن الأديب الفرنسي يرى انه لا معنى لشيء ولا جدوى ولا أمل.. وان طعم الدنيا على لسانه وعلى قلمه شديد المرارة.. فهل يأتي طعمها كذلك على لسان الرئيس أو انها سوف تكون كذلك إن شاء الله..

أو الرئيس نفسه بلا طعم ولا معنى، وانه مثل كل المستبدين أقلهم حرية وأكثر عذابا من ضحاياه.. وأن الذي يقرأه في مؤلفات كامي: ليس إلا فصلا هادئا ووقتا ضائعا ونعيا بليغا.