قطر ومصالحة سورية بإسرائيل

TT

تعليقا على مقال كتبته سابقا في ذروة الحرب على لبنان، ومختصره انها بقدر ما هي مؤلمة فهي فرصة سانحة لتحريك مسار المفاوضات التي تحركها الحروب عادة. تعليقا عليه ذكر لي احدهم ان قطر نجحت مبدئيا في اقناع سورية وإسرائيل بفتح نافذة جديدة للتفاوض، وهي الأولى عمليا على مستوى رفيع بعد ان فشلت اتصالات محدودة كلف بها في الماضي احد ابناء الوزراء السوريين.

ولو كان المشروع حقيقيا ويوصل الى مفاوضات كبيرة ثم سلام اكيد، فان الاطراف المشاركة فيه تستحق التقدير. أما إن كانت علاقات عامة من قبل القطريين، ودعاية من قبل الاسرائيليين، وتكسّبا ماديا من قبل السوريين، طبعا على حساب القطريين، فإنها ملهاة أخرى لن تقود الا الى دوائر عنف جديدة.

يقال ان الاتصالات البسيطة حركت غرائز الاطراف جميعها. فكل من سورية وإسرائيل بلغتا حدا من الاعياء بسبب الصراع لم يعد لهما معه سوى التفاوض. اسرائيل مرهقة في الداخل وعلى حدودها. سورية اصبحت مثقلة بالحركات المعارضة التي تستضيفها، حماس والجهاد وحزب الله والمقاومة العراقية والجبهة الشعبية وغيرها. وصارت مثقلة بالعداوات الخطيرة مثل عدائها للولايات المتحدة التي يصعب على اي دولة الاستمرار في تحملها لفترة طويلة. كما ان الدائرة تضيق مع الوقت بسبب كثرة القضايا كما في التورط في العراق، واغتيال الحريري، والملف النووي، والحرب على لبنان. لم يعد ممكنا الجزم انها في «كل مرة ستسلم الجرة».

راج ان القطريين باشروا التخاطب مع الاسرائيليين في عقر دارهم، ووجدوا من الطرفين السوري والإسرائيلي ترحيبا اوليا لكنها لم تمض ابعد من ذلك حتى الآن. مع هذا فهي خطوة جيدة إن اوصلتنا الى محطة سلام ثالثة هي مع سورية، بعد مصر والأردن. ومؤكد انه ستليها تلقائيا صفقة اسرائيلية رابعة مضمونة مع لبنان. وتعليقا على ذلك، انتقد الصديق بان قطر صارت سفير اسرائيل في المنطقة، وحاملة افكارها، قلت له لا يهم ما يقال. فقد كان يوصف السادات بهذا كله لكنه حقق صفقة تاريخية، علينا ألا ننسى انها اراحت المصريين والعرب من الحرب ثلاثين سنة بعد ان كانت مصر تنزف دما وأجيالا ومالا بلا طائل ربع قرن قبل ذلك.

فالمهم في نظري ليس إلهاب الجروح بيننا، ولا التنازع على السيئ والجيد، انما تشجيع أي خطوة ايجابية مهما كانت ومهما كان صاحبها، لأن الخلافات الصغيرة لا تطول بدليل ان احدا لا يتذكر عشرات النزاعات التي مرت بها المنطقة وتقلبات مواقف حكوماتها. فإن كانت الوساطة القطرية بين سورية وإسرائيل حقيقية فلتشجع لأنه لن يوجد من يزايد على السوريين إن رغبوا في التفاوض ولن يعير القطريين أيضا. وإن كانت مجرد تمثيلية او صفقة تجارية مؤقتة كما قال صاحبي فليهنأوا بها لأنها لن تطول.

[email protected]