فك الشيفرة العربية

TT

في اليوم الذي تلى سقوط ثلاث عمائر في القاهرة ومقتل ثلاثة، أوفدت الحكومة المصرية وفدا هندسيا لمساعدة اخوانهم اللبنانيين على اعادة اعمار المواقع التي دمرها الاسرائيليون في الحرب المدمرة. وسبقهم القطريون الذين تنزهوا في ما تبقى من الضاحية وشجبوا العدوان وتبرعوا بأريحية لإعادة بناء بلدة بنت جبيل المدمرة هي الأخرى، في حين ان بعض الذخيرة العسكرية المستخدمة للقصف جاء من قاعدة اميركية على ارضهم حيث تحتضن اكبر مستودع للأسلحة الاميركية في المنطقة. أما باكستان، حيث لا يزال اللاجئون بسبب الزلزال ينشدون العون، فان الحكومة بعثت قوافل مساعدات للذين شردتهم الحرب اللبنانية. ومع صدمة أنباء الغارات كان رئيس اليمن أول من قص شريط المساعدات كلاميا يوم اعلن استعداد بلاده لمحاربة اسرائيل، وغني عن القول ان بين صنعاء وتل ابيب مسافة آمنة طولها بالضبط ألفان وواحد وتسعين كيلومترا.

وعطفا على مثل هذه النشاطات الدعائية توجد جملة اسئلة بديهية مثل، هل تفيد فعلا اصحابها؟ وهل يصدقها الناس؟ ألم تصبح مملة مع تكرارها في كل مناسبة كما في حروب العراق ومواجهات فلسطين وغيرها من نكبات المنطقة التي لا تتوقف؟

لا أدري عن حجم تصديق الناس لها لكنها لا تعمر طويلا واحيانا لا تظهر ابدا. فالتضامن الباكستاني مثلا لم يرد له أثر دعائي، حيث لم يكتب لبناني واحد، بحسب علمي، يشكر الرئيس مشرف على مساعداته، في حين استمر الحديث في الصحافة الباكستانية عن بيع معونات الزلزال في الاسواق المحلية بدلا من توزيعها على المحتاجين. ولا ندري بعد ان كان احد من اهالي بنت جبيل سيرفعون العلم القطري على منازلهم لانها لم تبن بعد؟ ولن نعرف نتيجة الاعمال الهندسية للفريق المصري، وبطبيعة الحال لم يرسل الرئيس اليمني عسكريا واحدا الى جانب حزب الله حتى نعلم صدق وعده ولم ينه معارك المسلحين في الجبال الشمالية ضد نظامه.

ويمكن ان نقول ان كثرين ملوا من حملة العلاقات العامة طالما انها تأتي في سياق دعائي متناقض، ان يكون بلد مصابا بزلزال ومشردوه يعانون ثم يرسل معونات لمساعدة مشردي بلد آخر. وكذلك ان يسمح بلد بارسال الذخائر العسكرية للقصف ثم يدفع ثمن اكياس الاسمنت لبناء ما تهدم. وكذلك ان تملأ انباء انهيارات العمائر في بلدك ومع هذا ترسل فريقا هندسيا لاعمار بلد آخر. أمور لا تستقيم إلا في الدعاية العربية وما جاورها حيث لا أحد يسأل ولا يستنكر ولا يستغرب أيضا.

[email protected]