شركاء أم متفرجون؟

TT

تغطي الصحافة العربية أخبار العراق كما تغطي أخبار المريخ وزحل وعطارد: سيارة مفخخة و40 قتيلا و75 جريحا في بغداد. لا من فخخها ولا من قادها ولا من هو القاتل ولا من هم القتلى ولا من سوف يعيشون بقية حياتهم معطوبين معاقين. هذا النوع من الناس الذي تصفه أحلام مستغانمي بأنه «رفض الموت ورفضته الحياة» ويعيش بقية عمره في ساحة للألم وحده.

لا تقل هناك حرب أهلية في العراق. هناك فقط جثث تتطاير، مرة عند السنة ومرة عند الشيعة والفارق في العدد. ولماذا أهل الأقليات لا يموتون ولا يفجرون فلأنهم سافروا، أو أننا لا ندري بهم، لأنهم لا يستحقون الذكر في أي حال. وماذا عن الحكومة في العراق؟ لماذا لا نسمع بها ولا يأتي احد على ذكرها، وماذا تفعل حقا؟ هذه الحكومة والتي قبلها و«اللاتي» قبلها. أين هو وزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الصحة ووزير الشؤون الاجتماعية؟ وماذا يفعلون حقا؟ وهم شركاء مَن من الضحايا ومَن من القتلة؟ ولماذا لا يحاسبهم احد ولا يسائلهم احد؟ وهل صحيح أن فرق الموت والتصفيات والقتل حكومية؟ ومن أين تصدر لها الأوامر؟ وأين هم الأميركيون حقا وماذا يعرفون ومن يستغبون ولماذا وفي سبيل مَن؟ وماذا يفعل الجيش البريطاني والقوات الباقية الأخرى، هل هي مجرد شاهد زور معلن على مذابح العراق وتذويب العراق والمشروع الواضح لإلغاء العراق، أم هي أيضا شريكة في إحدى أفظع عمليات التزوير الجماعي في التاريخ؟ من يستطيع أن يحدد لنا مَن هي «المقاومة» في العراق؟ كيف بدأت وأين أصبحت؟ وماذا ومن تقاوم حقا الآن؟ لماذا لم نعد نسمع شيئا عن «المقاومة العراقية» ولا عن أعمالها؟ أين ذابت؟ وما هو دور وزارة الداخلية الحقيقي؟ وبعدما أغلق الأميركيون سجن «أبو غريب» كم سجنا ترعى الحكومة أسوأ ألف مرة من أبو غريب صدام وأبو غريب أميركا؟ وبأي تهمة تحاكم الحكومة العراقية صدام حسين فيما يقتل بين أيديها مائة إنسان على الأقل كل يوم وتحت أعينها وفي ظل حمايتها؟

ماذا يجري حقا في العراق؟ لماذا لا تقال لنا الحقيقة؟ عندما قلت للدكتور عدنان الباجه جي بعد اشهر من دخول أميركا إن العراق سوف ينزلق إلى الحرب الأهلية، التفت إليّ غاضبا وكأنني من يدير الحرب شخصيا. لقد كان بريمر حل الجيش العراقي. وقلت للدكتور الباجه جي الغاضب، لو حللت الجيش في السويد لانهار البلد. فكيف في العراق. ولم ترق له المعادلة.