أحلاهما.. مُرٌ

TT

ليس من عادتي أن أتحدث فيما لا يعنيني، أو فيما يزعجني ويشق عليّ، ولكن إذا اقتضت المصلحة العامة بذلك فلا بأس، وحديثنا اليوم هو عن «المؤسسة الزوجية» التي أرادها الله «سكناً لنا» قوامها المودة والرحمة، وهذه المقولة أصبحت من البديهيات التي من كثرة تكرارها أصبحنا نحفظها عن ظهر قلب.. غير أن هناك أناسا خارجون عن هذه المؤسسة، إما طوعاً أو كرهاً، ولا أدري إلى الآن هل أحسدهم على ذلك، أم أشفق عليهم.. على أية حال، فهؤلاء ليسوا هم أكبر همنا، ولا يعنوننا بقليل أو كثير، ولن نتطرق لهم في عجالتنا هذه، خوفاً من النكد والشوشرة.

فعلماء الاجتماع يظنون أننا نسعى إلى أمرين في الزواج، هما استمرار مسّرات الحياة العائلية التي عشناها ونحن أطفال، وفي نفس الوقت تعويض الحرمان الذي يخيل لنا أننا تحملناه.. وهذا الظن صحيح إلى حد ما، غير أن حساب الحقل لا ينطبق دائماً على حساب البيدر.. لأن المأزق الكبير في الزواج هو «التضحية» التي لا يفطن لها الكثير.

فمثلاً إنجاب الأطفال يحتاج إلى مال، وهو يعني الكدح والعمل المتواصل الشاق، مما يجعلهم على الدوام عرضة للإرهاق الذي ينعكس على الحنان العائلي، أما إذا اختاروا أن يعيشوا لأسرهم أطول الأوقات، فقد يخسرون مستقبلهم، وهذا هو ما يحصل فعلاً، خصوصاً إذا عرفنا أن هناك الملايين من الأزواج وحتى من الزوجات، قد تغربوا عن أولادهم وأسرهم بالأعوام الطويلة بعيداً عنهم، لكي يؤمنوا مستقبلهم، ولا ينتهون من ذلك ويعودون، إلا بعد أن تُذوى زهرات حياتهم.

المحبة ولا أقول «الحب»، المحبة واجبة مثلما هو العطف، والكثير من الأزواج لا يلتفتون لذلك، مثل ذلك الزوج في أحد البلاد الأوروبية، عندما ضاق ذرعاً بعصبية زوجته المزعجة، فذهب بها إلى طبيب نفساني، وبعد أن سألها الطبيب عدة أسئلة وسمع ردودها، فما كان منه إلا أن أحاطها بذراعيه وقبلها قبلة حارة، وقال للزوج: هل رأيت؟! هذا هو فقط كل ما تحتاج إليه زوجتك، واني اقترح أن تتلقى نفس العلاج هذا في أيام الثلاثاء والخميس والسبت من كل أسبوع، فقال الزوج: إنني أستطيع أن أحضرها أيام الثلاثاء والخميس، أما في يوم السبت فأرجو المعذرة لأنني ألعب الغولف.

«وأسخم» من ذلك الزوج هي تلك الزوجة التي استدعاها البوليس من أجل إقناع زوجها الذي يريد أن يرمي بنفسه من الطابق الثاني عشر بأحد الفنادق.. فذهبت وأخذت تتوسل إليه ألا يلقي بنفسه: قائلة: إن هناك أشياء كثيرة تستحق أن تعيش من أجلها: هناك أقساط البيت، والسيارة، والملابس التي حدثتك عنها، والقرض الذي يجب أن نسدده للبنك.

بعدها قذف الزوج بنفسه وهو مكشر تكشيرة، لو وزعت على أهل الأرض «لعكننت» عليهم.

[email protected]