11 سبتمبر: دعوة للتفكير الحر .. في الوثائق والحقائق والوقائع

TT

(خيانة).. هذا عنوان وموضوع فيلم امريكي، جددت بثه قناة امريكية منذ ايام، والفيلم من اخراج المخرج اللامع كوستا جافراس. ويكثف هذا الفيلم الضوء ـ في ايماءات لا تخفى ـ على احداث 11 سبتمبر 2001. وتقول الايماءات والتلميحات: ان تلك الاحداث وقعت بـ(تدبير من قوى داخلية امريكية خالصة).

وفي عام 1999 ـ قبل 11 سبتمبر بعامين تقريبا ـ : انتج فيلم امريكي بعنوان (صائد العاصفة).. وقصة الفيلم و(حبكته) الجوهرية المثيرة هي: ان مجموعة من القوات الخاصة في الجيش الامريكي، بقيادة جنرال طيار مرموق، قامت باختطاف طائرة عسكرية. وقد تعذر على تقنيات الدفاع الجوي: اكتشاف هذه الطائرة في الحالات كلها: الاقلاع.. والتحليق.. والتوجه الى الهدف والنيل منه.. وتبلغ الحبكة السينمائية ذروتها حين يتبدى في الفيلم: ان الذين خططوا لهذا العمل الضخم المرعب هم: البيت الابيض. ووزارة الدفاع. والكونجرس.. وبعد ان جرى تنفيذ الخطة بنجاح: اتخذت اجراءات فدرالية سريعة وواسعة النطاق. وقد تمثلت هذه الاجراءات اكثر ما تمثلت في (تقييد الحريات) في الولايات المتحدة بموجب قوانين استثنائية.

وبعد 11 سبتمبر: عزل الضابط الامريكي اللفتانت كولنيل ستيف بتلر من منصبه واعفي من الخدمة العسكرية بسبب اتهامه للرئيس الامريكي جورج بالتهمة التالية التي نشرتها صحيفة مونتيري كاونتي هيرالد ـ كرسالة من الضابط ـ .. يقول الضابط المطرود من الجيش: «بالطبع عرف بوش بالهجمات الوشيكة على امريكا ولكنه لم يفعل شيئا لتحذير الشعب لانه كان يحتاج الى هذه الكارثة واستثمارها، كان يحتاج لأي شيء يسند رئاسته المهزوزة».

وبعد 11 سبتمبر ايضا، ألف الكاتب الفرنسي تيري ميسان كتابا بعنوان (11 سبتمبر: الخديعة المرعبة).. وقال ميسان في مقدمة كتابه: «سنبرهن لكم في هذا الكتاب ان الرواية الرسمية الامريكية عن احداث 11 سبتمبر ما هي الا عبارة عن (مونتاج) سينمائي لا اكثر ولا اقل».

ولكن لندع هذا كله .. ففيلما: الخيانة وصائد العاصفة قد يكونان جنحا الى الخيال.. وكلام الضابط الامريكي المطرود قد يكون مجرد استنتاج سياسي.. وكتاب ميسان ليس حقيقة مطلقة، او كما قال هو نفسه: «لا ندعوكم الى اعتبار كتابنا هذا حقيقة مطلقة، انما ندعوكم الى الشك والاحتياط، ندعوكم الى استعمال حسكم النقدي».. ثم ان ميسان قد يكون من (المدرسة الفرنسية) التي تشك في كل شيء امريكي.

وندع هذا كله، ولنستحضر يقظة العقل، ونزاهة الضمير ابتغاء قراءة الوثائق والوقائع التالية: بفطنة ومسؤولية وتفكير مستقل متحرر من (اغلال التضليل الاعلامي) الذي صاحب 11 سبتمبر وامسى (فلسفة بعدية) لها:

1 ـ امتنعت المباحث الامريكية الفدرالية ـ وفق احداث التقارير ـ عن إدراج اسم اسامة بن لادن في (قائمة المتهمين) بأحداث 11 سبتمبر.. وهذه (العصمة) الامريكية التي كفلت لبن لادن عدم الاتهام، تحققت على الرغم من اعتراف الرجل اكثر من مرة بأنه مسؤول عما جرى وذلك من خلال شريط صوتي بثته قناة الجزيرة قبل ساعات من الذكرى الأولى لتلك الأحداث .. ثم لا يفتأ الرجل يمجّد (الفاعلين)، في كل مناسبة، ويسميهم ـ في معرض الفخر ـ بأسمائهم، وينسبهم الى بلدانهم!! ثم ان هذه (الطهارة) الامريكية البالغة في اجتناب اتهام الرجل قد تحققت على الرغم من شن حرب امريكية على افغانستان بحجة القضاء على الرجل نفسه وجماعته معه !!

2 ـ في اوائل اغسطس 2001 ـ أي قبل الاحداث بما يزيد قليلا عن شهر ـ رفع للسلطات الامريكية تقرير بعنوان (بن لادن مصمم على توجيه ضربة داخل الولايات المتحدة).. ومن مضامين هذا التقرير: ان مسؤولي القاعدة، من المحتمل ان يستخدموا كليات ومعاهد لتعليم طيران لتدريب ارهابيين على خطف طائرات واستخدامها في تنفيذ عمليات ارهابية.

3 ـ ان جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي (ام، آي 6) قد حذر السلطات الامريكية قبل سنتين من وقوع احداث سبتمبر. وان التحذير انتظم المعلومة الآتية وهي: ان ارهابيين يعتزمون خطف طائرات مدنية لينطحوا بها عددا من المباني والعمارات في المدن الامريكية. وقد تسلم هذه المعلومات: ضباط اتصال لدى السفارة الامريكية في لندن.

4 ـ بتاريخ 6/9/2003 نشر مايكل ميتشر (عضو مجلس العموم البريطاني ووزير البيئة من عام 1997 الى عام 2003): نشر هذه الحقائق والوقائع المذهلة تحت عنوان (أسطورة الحرب الزائفة على الارهاب) فقال: نعلم الآن انه قد خطط لمشروع القرن الامريكي منذ وقت مبكر. ومما ورد في وثيقة المخطط: ان الولايات المتحدة يجب ان تعيق الدول الصناعية المتقدمة عن تحدي قيادتها العالمية او التطلع الى دور اقليمي عالمي. ولقد حان الوقت لزيادة الوجود العسكري الامريكي في جنوب شرق آسيا، وانه ينبغي على الولايات المتحدة ان تدرس مسألة تطوير اسلحة بيولوجية بما يمكنها من استهداف اعراق معينة، ومن تحويل الحرب البيولوجية من نطاق الارهاب الى اداة سياسية مفيدة.

ان هذه الوثيقة التي كتبت قبل 11 سبتمبر بعام: توفر تفسيرا أفضل لفكرة الحرب الشاملة على الارهاب قبل 11 سبتمبر واثنائه وبعده. وينبغي النظر الى هذا الموضوع من عدة جوانب، فمن الواضح ان السلطات الامريكية لم تفعل ما يكفي لاجهاض احداث 11 سبتمبر. فمن المعروف ان احدى عشرة دولة على الاقل، قدمت معلومات وتحذيرات متعلقة بما حدث في 11 سبتمبر. ومن ذلك معلومات تحذيرية تقول: ان هناك خلية مكونة من مئتي ارهابي تحضر لعملية كبيرة في امريكا، وقد تضمنت قائمة الاسماء اربعة من خاطفي الطائرات ومفجريها، وعلى الرغم من ذلك لم يقبض على أي منهم.. وهناك وقائع تبعث على الريبة. فقد اشتبه في الاختطاف الأول الذي جرى في الثامنة وعشرين دقيقة، بينما تحطمت الطائرة الاخيرة في بنسلفانيا في العاشرة وست دقائق، وضربت الطائرة الثالثة البنتاجون في التاسعة و38 دقيقة. ومع ذلك لم ترسل أي طائرة مقاتلة للاستقصاء، مع العلم بأن هناك اجراءات اعتراض قياسية تنص عليها انظمة ادارة الملاحة الفدرالية في التعامل مع الطائرات المختطفة قبل 11 سبتمبر .. ولقد اطلق الجيش الامريكي طائرات مقاتلة في 67 واقعة في الفترة ما بين سبتمبر 2000 ويونيو 2001 لملاحقة الطائرات المشبوهة .. فلماذا حدث التراخي في احداث سبتمبر؟

فهل هذا التراخي نتيجة تغافل؟.. او لجهل المسؤولين بالآليات الواجب استعمالها؟.. او ان اجراءات أمن الطيران الامريكي قد عطلت عمدا في 11 سبتمبر؟.. والسؤال هو: لماذا وتحت إمرة من حدث هذا؟.. ونحن نسأل مع مايكل ميتشر وزير البيئة البريطاني السابق، وعضو مجلس العموم: نسأل: من هو الشخص المتنفذ جدا الذي (نوّم) عمدا: أجهزة الرد والردع الامريكية في ذروة الخطر حتى حدث ما حدث؟

5 ـ يقول جون دين ـ مستشار الرئيس الامريكي الأسبق نكسون ـ في كتابه: محافظون بلا ضمير ـ : «ان افكار المحافظين الجدد عندما وصلوا الى السلطة كانت معدة بالتفصيل سلفا، ولا تحتاج الا الى التنفيذ، ولكنهم اكتشفوا منذ اللحظة الاولى لوجودهم في البيت الابيض ان افكارهم الشيطانية لا يمكن فرضها وتنفيذها ببساطة. وفي احوال معتادة للشعب الامريكي، ولذلك راحوا يبحثون عن (الذريعة)، وكان عليهم تحين الفرصة للمضي قدما في تنفيذ مخططاتهم، وكانت هذه الفرصة هي هجمات الحادي والعشرين من سبتمبر 2001. فقد مهدت هذه الهجمات الطريق امام المحافظين الجدد لإحداث (انقلاب كبير) ادى الى (عسكرة) امريكا والعولمة كلها ونقلها من الجوانب الاقتصادية الى الجوانب الامنية والعسكرية من اجل السيطرة الاستبدادية الكاملة على مصائر امريكا والعالم».

6 ـ يقول ريتشارد كلارك المسؤول الاول عن مكافحة الارهاب في مجلس الامن القومي الامريكي: «ان الادارة تجاهلت التهديد الذي كان يمثله تنظيم القاعدة قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من علمها بهذه التهديدات. وكنت انا وجورج تينيت مدير الاستخبارات نشعر بالأسى دائما لأن تنظيم القاعدة وتهديداته لا يعالجان الجدية اللازمة من جانب الادارة الجديدة (إدارة المحافظين الجدد)، وانه حتى بعد هجوم 11 سبتمبر واختباء بن لادن في افغانستان، ارادوا ضرب العراق مباشرة على الرغم من عدم وجود اي علاقة بين العراق والهجمات».

7 ـ تقول وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس ـ في شهادتها امام الكونجرس بشأن التحقيق في احداث سبتمبر ـ : «ان الرئيس الامريكي تلقى قبل شهر من 11 سبتمبر مذكرة استخباراتية تصف اهداف اسامة بن لادن ومصلحته في شن هجوم على الولايات المتحدة يتضمن اختطاف طائرات واستعمالها في الهجوم. لكن المذكرة تفتقر الى تحديد موعد ومكان وكيفية وقوع مثل هذا الهجوم، وأنا لم اتخيل على الاطلاق ارتطام طائرات بمبان»!!!.

8 ـ منذ اسابيع: اجتمع في مدينة لوس انجلوس، وبمناسبة قرب الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر.. اجتمع هناك (1200) ألف ومئتا مفكر وباحث ومؤرخ ومعلق ومحلل استراتيجي امريكي، اجتمع هؤلاء وبحثوا قضية 11 سبتمبر وانتهوا الى ما يلي: «ان هناك مؤامرة متكاملة وراء احداث 11 سبتمبر عام 2001 وان بعض المسؤولين في الادارة الامريكية والمخابرات الاسرائيلية كانوا على علم مسبق ومفصل بمخطط الهجوم ولكنهم اداروا وجوههم الى الجهة الاخرى عمدا، بعد ان عرفوا ان تنفيذ المخطط سيأتي للمحافظين الجدد بمكاسب وانتصارات سياسية داخل الولايات المتحدة، وسيتيح لهم اوسع الفرص للقيام بغزوات خارجية. ولقد استفادت شركات صنع الاسلحة العملاقة وشركات النفط والتيارات السياسية والدينية المتشددة والبنتاجون ودعاة شن الحروب الوقائية. وكانت استفادتهم هائلة. لقد ربحوا هم وخسر العالم كله، بل خسرت امريكا نفسها في التحليل النهائي».

وبعيدا عن الجدل حول (مقولة المؤامرة) ندعو الى التفكير العقلاني الحر في الوقائع والحقائق الآنفة، ذلك انه ليس من التفكير العقلاني الحر: ان نأخذ الرواية الامريكية الرسمية عن احداث 11 سبتمبر ذات (القداسة الوهمية) التي احاطت بالهلوكوست. فالعقل البشري اعظم واكرم من ان يسجن في (مسلّمات) يمكن ان تخضع للبحث والمناقشة.