المدوّن.. أحمدي نجاد!

TT

قبل أكثر من اسبوعين سجل عالم المدونين، وهم الشريحة الشابة الجديدة والمؤثرة اليوم في عالم صحافة الانترنت، انضمام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى صفوفهم.

إذاً، وصلت أحدث الثورات التقنية إلى نجاد وبات الرئيس الإيراني «بلوغر» شاء ذلك المدونون أم أبوا..

من دَأَبَ على زيارة مواقع المدونين على اختلافها لا تفوته ملاحظة سمات عامة تجمعهم. فهم في الغالب شبان وشابات، يميلون للخروج عن السائد في مجتمعاتهم ويطرحون أفكاراً جريئة ويجادلون حول إشكالات يصعب على الإعلام التقليدي معالجتها. أما السمة الأبرز فهي روح الدعابة والنكتة التي تدفع بكثير من المدونين نحو السخرية من أنفسهم ومجتمعاتهم وتبادل هذا الأمر مع قرائهم ومتتبعي صفحاتهم.

إنها حقائق عالم التدوين اليوم..

لذا، فإن الإعلان عن إقدام أحمدي نجاد على إطلاق مدونة أثار جملة من التساؤلات والافتراضات وفي أحيان كثيرة تهكمات ساخرة.. إلا أن الرئيس الإيراني حزم أمره وأعلن في نفس اليوم الذي توقفت فيه الحرب الاسرائيلية على لبنان إطلاق مدونته الأولى، وهي عبارة عن سيرة ذاتية تضم تفاصيل عن طفولته ومعاناته ومعايشته للثورة الإسلامية والحرب مع العراق. وفي نهاية مدونته المترجمة إلى عدة لغات، يعد نجاد القراء بأن يجدد مدونته مرتين في الأقل أسبوعياً متوسماً سعة صدر متابعيه في حال تأخر عن موعده. وفعلاً مرّ أكثر من أسبوعين ولم يجدد نجاد حرفاً من مدونته ولم تدرج أي إضافات في تعليقات القراء الذين أجمعوا على الانبهار بنجاد ونهجه المقاوم للإمبريالية الأميركية ومشاريع الصهيونية».

لا شك أن إيران هي إحدى أبرز الدول التي نمت فيها ظاهرة التدوين على نحو واسع وفي فترة زمنية قياسية رغم استمرار الحكومة في فرض الرقابة على المدونين وسجن بعضهم في أحيان كثيرة، إذ تستخدم الحكومة الإيرانية أحد أكثر أنظمة الرقابة تطوراً في العالم من أجل مداهمة صفحات المدونين المناهضين للحكومة. لذا تبدو خطوة نجاد، والتي يرجح أنها في سياق محاولات لتحسين صورة إيران بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان، محاولة للاستفادة من أحد أهم جوانب العولمة ولكن في أحد أكثر تظهيراتها رثاثة وعتقاً وشعبوية.

فالتقنيات الحديثة حين تقع في قبضة نظام موجه وراديكالي تتحول لتصبح أداة تؤدي دوراً عكسياً لما صممت من أجله فتصبح وسيلة قتل للحرية لا باعثا لها. فالمدونات هي تقنية بالغة التنوع والديمقراطية والجدّة لما تتيحه من مجالات مفتوحة لأي شخص للكتابة والتعبير عن نفسه. لذا فهي حين تصبح بيد مسؤول على شاكلة نجاد تتحول إلى وسيلة إعلام خاضعة لنفس الرقابة التي تخضع لها وسائل الإعلام الأخرى، في حين أن المدونات هي خطوة متطورة نحو كسر القيود، والمدونون الإيرانيون هم من أوائل من اسْتَشْعَرَ أهمية هذا المجال الجديد.

الأرجح أن نجاد سينشغل بملف بلاده النووي ولن يتمكن من تسجيل المزيد من المدونات، ليس قريباً في الأقل..

diana@ asharqalawsat.com