الإبهار الخادع

TT

من السهل قبول فكرة الانتشار والتوسع بفتح الفروع والاندماج مع الآخرين، فعالم الاقتصاد ودنيا الأعمال مليئان بالأمثلة التي تظهر المؤسسات والشركات وهي تنشر فروعا لها أو تقوم بالاندماج والاستحواذ على شركات أخرى. ولكن حين تقوم بعمل ذلك منظمات «إسلامية» فالموضوع يتطلب وقفة ومحاولة للفهم.

عندما أعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في شريط مرئي مسجل أن هناك «اندماجا» بين تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد المصرية، تبين لاحقا أن الامر غير صحيح، وذلك بعد نفي جماعة الجهاد نفسها هذا الأمر الذي لم يعد حقيقة سوى بتأييد وانضمام بعض اعضاء الجماعة السابقين للظواهري وتنظيم القاعدة. وتأتي فكرة «الاندماج» هذه بعد أن افتتحت للقاعدة فروع في بلاد الرافدين وغيرها.

ولا يحتكر تنظيم القاعدة فكرة الانتشار والاندماج هذه، فقد سبقته اليها من قبل جماعة الاخوان المسلمين التي انتشرت بفروعها في أكثر من بلد سواء باسمها الصريح أو عبر أسماء أخرى وجميعها تحت إدارة التنظيم العالمي للحركة. وهناك طبعا حزب التحرير بفروعه المنتشرة في أكثر من دولة عربية وفي بلاد أوروبا عبر المهاجرين المسلمين فيها.

وهذا الانتشار الجغرافي والتنظيمي لا بد أن يثير القلق والشك والريبة، وخصوصا أن جميع هذه الحركات وغيرها تتخذ من الدين «غطاء» أو مطية مناسبة لتنفيذ برامجها السياسية، وهي بذلك لا تختلف عن الكثير من الحركات المريبة التي انطلقت عبر التاريخ، مثلها مثل فرق «الحشاشين» و«الجيش الجمهوري الآيرلندي» في العصر الحالي وغيرهما بطبيعة الحال.

ولكن تبقى المنطقة العربية منطقة جاذبة للحركات السياسية السرية التي تغلف تحجرها واتجاهها بالعباءة الدينية.

والمنظمات التي تقوم بهذا التحرك الجديد تأخذ من عالم الشركات العملاقة صفحات من كتاب الارشاد عن النجاح في الفكر الاستراتيجي. فأقامت نماذج ادارية ووحدات متخصصة تماما كما تقوم بعمله كبريات الشركات المتعددة الجنسيات الناجحة، وهذه النماذج المقدمة في استمرار لنهج هذه المنظمات في وسائل الابهار.

فبعد الابهار بالعباءة الدينية كان المطلوب «عصرنة» الفكر وتقديمه بشكل اداري حضاري يستطيع إقناع وجذب الفئات العمرية المختلفة واصحاب الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المتنوعة.

ولكن من المهم التمعن جيدا في خطط واتجاهات هذه الجماعات، فهي مستمرة في سياسة الابهار لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الاعداد للانضمام لها لتنفيذ مشاريعها ومخططاتها السياسية.

الدين ليس بحاجة للممارسات السياسية ولا التنظيمات الخفية، والمطلوب تسليط الضوء على كل «جديد» يطرأ في أفكارهم حتى لا يتم الانسياق خلف الشعارات البراقة بلا وعي ولا دراية.

[email protected]