كلهن وكلهم لصوص يا سيدي!

TT

هذا شرف يدعيه الكثيرون، فقد نشرت في هذا المكان قصة بعث بها قارئ لم يشأ أن يذكر اسمه وطلب مني أن أنشرها ونشرتها ولم أنسبها لنفسي ولو كنت أعرف اسم مؤلفها لكتبته. ومنذ أيام تلقيت خطابا من شخص بالسودان يقول: إنها قصته ولا يعرف كيف وصلتني وانه نشرها في إحدى المجلات الأدبية. ومن الدار البيضاء جاءت رسالة يقول صاحبها إنها قصته وانه سجلها على موقع له في الإنترنت. ومن القاهرة بعثت أديبة ناشئة تقول إنها من تأليفها وإنها بعثت بها إلى أديب كبير لتعرف رأيه فيها وان الأديب ـ وذكرت اسمه ـ قد استبشر خيراً ووعدها بأنه سوف يقدمها في إحدى المجلات.. ووجدت أنها فرصة لكي أتأكد، فاتصلت بالأديب الكبير وسألته فأكد لي أن هذه هي المرة الأولى التي يسمع شيئاً عن هذا.

كلهم لصوص يا سيدي!

وأذكر أن زارني المطرب المغربي الكبير عبد الوهاب الدوكالي، وأسعدني أن أقدم له لحنا جميلا سمعته من أحد الشبان وطلبت من المطرب الشاب أن يجيء للقاء الدوكالي ليسمعه هذا اللحن البديع.. وكانت أغنية اسمها (مرسول الحب).. أي مرسال الحب.. أو رسول الحب وهي من أجمل الألحان العربية وأكثرها شجناً..

وجاء المطرب الشاب ومعه الكاسيت.. ثم غنى وأسعد عبد الوهاب الدوكالي وكتبت عن هذا اللقاء، وقلت إن عبد الوهاب الدوكالي لو كان قد بقي في مصر وقتاً أطول واستمع إليه الناس لأحدث شيئاً في الغناء العربي.

وبعدها بأيام جاءني الشاب وقال لي إن الأستاذ الدوكالي رفع أمره إلى القضاء لأن هذه هي أغنيته من ثلاثين عاماً، وأرسل لي الدوكالي أغنيته الرائعة.. فهي أطول وأهدأ وأكثر شجناً ولم أتابع هذه المهزلة!

ولما رأيت الأستاذ الدوكالي في الرباط طلبت أن أستمع منه إلى هذه الأغنية الكلاسيكية والتي يحفظها كل المغاربة وسمعتها بصوته وموسيقاه.. إنها في غاية الجمال. ولما سألته عن القضية قال: إنه سجل حقه فقط ولم يشأ أن يعاقب شباباً في بداية حياتهم الفنية.. ولكن الكثير من المبتدئين الشباب لصوص يا سيدي!

وعندما استضفت فيروز في الستينات في برنامج لي في التلفزيون اسمه (نجمك المفضل) جاءت شابة صغيرة تقلد فيروز، وطلبت من أحد الرحابنة أن يسمعها وسمعها وضحك وكان خفيف الدم. فقال كلاما لم تفهمه لحسن الحظ، قال لها: عندما أستمع إليك أحس أنك لا تقلدين فيروز إنما تسرقينها.. مع أن التقليد حق لك.. وإنما تقتربين منها وتضعين يدك في جيبها مع أنك لست في حاجة إلى ذلك. واستوضحته أنا فقال: إنها تقلد وهي خائفة كأنها تسرقها وكل اللاتي يقلدن فيروز يفعلن ذلك!

فكلهن لصوص يا سيدي!