عندما لا ينفع الطرب

TT

في بدايات الثمانينات من القرن الماضي حصلت حادثة «غير طريفة»، وكان بطلها مطربٌ خليجيٌ مشهور، فقد تلقى هدية من رجل مرموق هي عبارة عن سيارة مرسيدس جديدة، وطلب منه أن يأتي اليه في المدينة التي يسكنها، وهي تبعد عن مدينة المطرب ما لا يقل عن ألف كيلومتر، ووافقه المطرب ولسان حاله يقول: «من أجل عين تكرم مدينة»، وفعلاً امتطى صهوة سيارته المرسيدس الجديدة، وانطلق وحده يسابق الريح ويغني، وبعد أن قطع ثلث المسافة تقريباً وإذا بإطارين من كفرات سيارته ينفجران دفعة واحدة، غير انه من حسن حظه استطاع أن يتحكم بالسيارة ولم تنقلب، وأبعدها عن الطريق قليلاً ونزل منها يؤشر للسيارات العابرة في تلك الصحراء المشمسة القاحلة، ولم يتوقف له بعد مدة غير سائق يقود سيارة مرسيدس من نفس الطراز، كان رجلاً ملتحياً وجاداً وشهماً إلى درجة انه قام بالمهمة وحده من دون أن يطلب من المطرب أي مساعدة، حيث فك الإطارين المعطوبين، وابدلهما «بالاستبنتين» أي الكفرين الاحتياطيين اللذين في سيارته وفي سيارة المطرب.

ويقول المطرب، إن ذلك الرجل الشهم بعد أن انتهى من مهمته أخذت اشكره، وحاولت أن أقدم له مبلغا من المال لقاء جهده غير انه رفض ذلك بتعفف، قائلاً انه لم يفعل ذلك إلا من اجل طلب المثوبة من الله لمساعدة المحتاج، وسألته عن اسمه وعمله، وذكر لي اسمه وانه يعمل عند التاجر «فلان الفلاني»، وعندما ذكر الاسم وإذا بي اعرفه جيداً، فقلت له: إنني سوف أتحدث عنك عند ذلك الرجل وسوف أوصيه عليك خيراً، فسألني بتعجب: ومن تكون أنت حتى توصيه علي؟!، فقلت له بشيء من الغرور: ألا تعرفني؟!، أنا المطرب «فلان»، وما أن سمع اسمي إلاّ وتبدلت ملامحه نهائياً، وقال: المطرب «فلان» ما غيره اللي يغني بالتلفزيون، واللي فسد «عيالنا» بأغانيه؟!، هززت له رأسي، فقال: الله جابك، وناولي مفتاح العجل وطلب مني أن أفك الكفرين اللذين ركبهما، وعندما حاولت التمنع قال لي: «إن لم تفكهما سوف أهفَّك بالليور»، فما كان مني إلاّ أن احل جميع «الصواميل»، وذلك بعد أن رفع هو السيارة «بالعفريتة»، وطلب مني أن احمل الكفرين واضعهما في شنطة سيارته الخلفية، وحملت الأول ووضعته قائلاً: إن الثاني هو «استبنة» سيارتي، فنهرني وعيناه تقدحان شرراً: ضعه وأنت رجال طيب، ووضعته كذلك، وركب سيارته وفحط بها وتطاير الغبار والحصى على وجهي وثيابي، ووقفت مذهولاً «فاغراً» فمي انظر إلى سيارتي التي ليست بها غير أربعة كفرات، اثنان صالحان، واثنان معطوبان، وبدون أي «استبنة»، واستغربت لذلك الرجل الشهم كيف تحول في لحظة إلى حيوان مخيف.... يا لطيف!!.

[email protected]