سوق العمل ومشكلاته

TT

لا يمر أسبوع من دون أن تتناول الصحف السعودية أخباراً وأحاديث عن آلية توظيف السعوديين وتوطين المهن. أحاديث ما زالت تحوم في نفس المكان من دون جدوى حقيقية أو ملموسة، لأن ظاهرها لا يبدو أنه يقوم على استراتيجية واضحة وقادرة على ايجاد حلول على المدى الطويل.

في دراسة للعوامل المؤثرة على توظيف الشبان السعوديين، اظهرت عوائق كثيرة مسببة لمشكلة عدم توطين الوظائف. وقام بالدراسة الدكتور أحمد الشميميري، أستاذ ادارة الأعمال المشارك في جامعة القصيم.

في البداية يجب الاشارة الى أن الدراسة الميدانية أجريت على 425 عينة. وكان مجتمع الدراسة يتكون من أربع فئات: الأولى فئة الطلاب الدارسين في المستويين الاخيرين في الجامعات السعودية، في تخصص العلوم الادارية. والثانية فئة أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم من الخبراء. والفئة الثالثة مكاتب العمل في السعودية، والفئة الرابعة شركات القطاع الخاص في مدينة الرياض.

والحال أن غالبية الاسباب، التي جاء بها الباحث في دراسته، بدت محبطة الى حد كبير، ومصدر الاحباط أن بعضها أسباب معروفة ولكن يتم غض الطرف عنها، من دون ايجاد حلول لها، مثل: عدم ارتباط المناهج باحتياجات السوق،عدم الاستخدام التطبيقي للحاسب الآلي، عدم النضج الفكري للخريجين، عدم اهتمام المناهج بتنمية شخصية الطالب، المنهج التطبيقي مفقود في الجامعات، انخفاض رواتب القطاع الخاص مقارنة بمهامه الوظيفية، عدم اجادة اللغة الانجليزية.. الخ.

الشميمري في خاتمة بحثه وتوصياته رأى أن 44 عنصراً من الممكن وضعها تحت تسعة عوامل رئيسية، أهمها قيم الوظيفة، الاجراءات الحكومية، التعليم العالي، التعليم العام، النظرة الاجتماعية.

ورأى أن أهم الحلول والمقترحات المتعلقة بالدراسة: الاهتمام باللغة الانجليزية وتنمية المهارات في مراحل التعليم العام والجامعي، وتقديم الدورات الطلابية المجانية في الجامعات للشباب، عبر منح تقدم من صندوق تنمية الموارد البشرية. وتعميق العلاقة بين القطاع الخاص وقطاعات التعليم المختلفة سواء أكان التعليم العام او التعليم العالي. واستحداث ودعم وحدات الارشاد في الجامعات وتوسيع دورها في اجراء الدورات التأهيلية واعداد البرامج المناسبة لسد الثغرات في المناهج وتأهيل الخريجين لسوق العمل.

اللافت في هذه الدراسة (يمكن الاطلاع عليها كاملة في مجلة «دراسات الخليج») أنها على خلاف الدراسات السابقة لم تركز على عنصر او عنصرين فقط، في حين أن المشكلة ترتبط بها أطراف متعددة ينبغي دراستها للوصول للتشخيص الدقيق والمتوازن. وتؤكد الدراسة على مدى تعقيد مشكلة توظيف السعوديين وتداخلها، وان الاسباب المفاقمة لها متفرقة ومتعددة الجوانب التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية.

هذه الدراسة وغيرها مما يشابهها في النسق يجب أن تكون مفاهيمها بوابة التغيير للمستقبل، مع حاجة السوق السعودي الى توطين الوظائف، والى ايجاد كفاءات شابة قادرة على التعاطي مع واقعها بجدية، خصوصاً مع انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية. والكليات الخمس التي أعلن عن النية في انشائها يجب أن تتلافى أخطاء الجامعات القديمة وأن تصبح أكثر قدرة على اخراج شبان بأدوات ملائمة لسوق العمل.

[email protected]