إيران النووية: وجهة نظر مخالفة !

TT

من الممكن أن يقصف الرئيس بوش مرافق إيران النووية خلال العامين القادمين. ولكن دعونا نأمل أنه سينظر إلى الكيفية التي أطلقت بها النار في لبنان خلال هذا الصيف ويقاوم نداء المحافظين الجدد، الذين يزعمون أن عددا قليلا من الغارات الجوية كافية لإنهاء التهديد النووي الإيراني. والحجة التي يستمع بوش إليها بسيطة جدا وهي: إيران نظام إرهابي يدعم الهجمات ضد الأميركيين واليهود (حتى الارجنتين). ورئيس إيران هو من المتشددين الذين يستخدمون لغة قد تكون موضع نقاش بين المتحدثين بالفارسية، ولكنه قد يكون جادا في مسح إسرائيل من الخارطة.

كذلك سيكون لإيران النووية، تأثير فعال على المنطقة بأكملها: قد تسعى السعودية ومصر وتركيا كي تكون دولا نووية أيضا. وعند أخذ التهور الذي تتميز به السياسة الخارجية الإيرانية بنظر الاعتبار، فيمكننا تصور كيف ستصبح تلك السياسة حينما تمتلك إيران السلاح النووي. إضافة إلى ذلك، فإنه إذا لم يضرب بوش إيران، فإن هناك احتمالا قويا أن تقوم إسرائيل بذلك، وسيتوجه اللوم للولايات المتحدة (خصوصا وإن الطائرات الإسرائيلية ستمر فوق المجال الجوي العراقي، الذي هو تحت السيطرة الأميركية).

لذلك، فإنه إذا كانت الولايات المتحدة ستلام في كل الأحوال، فلماذا لا يتم تنفيذ الأمر بشكل صحيح، باستخدام مزيج من قاذفات أميركية وصواريخ كروز لتدمير المواقع النووية في ناتانز وأصفهان وآراك وربما بوشهر؟ وأي هجوم ناجح لن يدمر المباني فقط، بل سيقتل العلماء المشاركين؛ فهذا هجوم سيتم بالتأكيد خلال ساعات العمل. هذه هي الحجة. لكن زعماء إيران قد يتضرعون للرب من أجل وقوع هجوم من هذا النوع؛ فقد يكون الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من البقاء في السلطة لأكثر من عقد.

لم أكن في بلد تتمتع حكومته بلا شعبية مثل إيران، باستثناء بورما ربما. الحكومة فاسدة جدا، ومستبدة، وغير كفؤة، وهي في آخر الأمر ستنهار، إلا إذا هاجمنا مواقع إيران النووية وحفزنا انطلاق شعور قومي كبير ودعم شعبي للنظام.

ما زلنا كأميركيين ندفع ثمن تواطئنا في إسقاط الحكومة المنتخبة ديمقراطيا عام 1953 والتي ترأسها محمد مصدق؛ وإذا قصفنا إيران فإننا قد نقوي نفوذ الملالي كي يحكموا لخمسين عاما أخرى.

والأكثر من ذلك، هو أن الخيارات العسكرية بائسة لأن إيران ربما تقوم بالكثير من نشاطاتها النووية في مواقع لا نستطيع تدميرها، لأننا لا نعرف أين تقع. فموقع ناتانز حتى الآن هو فارغ. وقد نقتل تقنيين روسا في بوشهر أو مكان آخر، وربما تنتقم إيران عبر هجمات إرهابية ضدنا (يرى خبراء مكافحة الإرهاب أن لإيران خلايا نائمة، بإمكانها أن تنشطها).

كذلك لن يفعل أي هجوم عسكري أكثر من شراء الوقت. قال أشتون كارتر المسؤول السابق في البنتاغون، إن احتمال وقوع هجوم ضد إيران ممكن، لكنه غير حكيم الآن. وقدر أن أي هجوم واحد سيؤخر وصول إيران إلى الأسلحة النووية ثلاث أو أربع سنوات. عند ذلك تستطيع الولايات المتحدة أن تذهب مرة أخرى وتضربها، لكن إيران قد تخفي المرافق، لذلك فإن هجمات لاحقة ستكون أقل فعالية.

ويقول دوف زاخيم الذي شغل منصب وكيل وزير الدفاع خلال فترة حكم بوش الأب، إن المخاوف من «القنبلة الإسلامية» الباكستانية كان مبالغا فيها، وأشار إلى أن إيران لا تعامل رعاياها اليهود البالغ عددهم 20 ألف شخص بشكل بائس، مثلما تشير خطاباتها (ما زالت إيران مسكنا ليهود عددهم أكثر من أي دولة في الشرق الأوسط عدا إسرائيل). ويحاجج زاخيم أن أفضل طريقة لحماية إسرائيل، هو منحها قدرات دفاع صاروخية محسنة على أساس أنها لن تكون البادئة في الهجوم على إيران.

أما بخصوص البدائل عن قصف إيران، فإن أفضل خيار هو استخدام دبلوماسية الجزرة والعصا التي يتبعها الغرب حاليا معها، (بما فيها مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران)، وإبقاء مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران لكشف المواقع المخفية. يتوقع قليل من الخبراء تخلي إيران عن برنامجها النووي بالكامل، لكن من المرجح أن يتم إقناع إيران لتبني النموذج الياباني: تطوير القدرة إلى نقطة يكون ممكنا بناء الأسلحة النووية خلال أسابيع أو أشهر، لكن بدون تجريب أو خزن الأسلحة.

لكن القبول بتطمينات الخبراء أسهل، حينما تسكن في نيويورك عما هو عليه في إسرائيل، وإذا كانت النتائج مغلوطة، فإن النتائج ستكون مريعة. مع ذلك ومن خلال تدارس المخاطر فإن الشيء الوحيد الذي يجب أن نكون تعلمناه من الحرب في العراق ولبنان هو أن «الحلول» العسكرية تتركنا في أوضاع أسوأ من سابقتها.

* خدمة «نيويورك تايمز»