شركة «السحاب».. قوة «القاعدة» وهزالها

TT

يجازف كثيراً من يقول إن الصدى الذي تخلفه أشرطة الفيديو التي يبثها تنظيم القاعدة من حين لآخر هو نفس ما كان عليه الحال قبل سنوات قليلة. مشاهد أسامة بن لادن يهدد الغرب وأميركا أو خطيباً في عرس نجله أو محتفياً بهجمات نيويورك وواشنطن إلى وصايا بعض انتحاريي سبتمبر وسلسلة طويلة أخرى من الصور التي دأبت القاعدة على بثها إما عبر الشاشة وإما عبر الانترنت, لم تعد تملك قوة التأثير نفسها التي خلفتها يوماً فينا.

صحيح أن ظهور بن لادن نفسه بات نادراً وأن قيادة القاعدة اختُزلت، إعلامياً على الأقل، بما يطلقه من حين إلى آخر الرجل الثاني فيها أيمن الظواهري. لكن، حتى الإطلالات النادرة هذه باتت تذكرنا بحال بعض نجوم الفنّ حين يتجاوزهم الزمن ويبهت بريقهم لكنهم يعيشون أسرى صورتهم الأولى فيسعون إلى تكرارها ظناً منهم أن الساعة تجمدت عند وهج المشهد الأول.

بعيداً عن المضامين السياسية والعقائدية التي تحملها رسائل القاعدة والتي لا يجوز الاستخفاف بها، فإن في إعلام هذا التنظيم، الذي تتعهده شركة «السحاب» ما يستدعي التفكر خصوصاً أن الإعلام كرس نفسه بصفته السلاح الأمضى في صراعات اليوم. ولعل هذا ما دفع بكثير من الإسلاميين المتعاطفين مع القاعدة إلى الإعراب عن زهوهم لظنهم أن التنظيم قد تمكن من استثمار عصر الصورة لصالحه وبالتالي حقق انتصاراً مبيناً على أميركا والغرب في حين كان إسلاميو ما قبل حقبة القاعدة ضعيفين في هذا الميدان.

خلال هذا العام ظهر الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري في تسعة أشرطة كان آخرها قبل يوم واحد من الذكرى الخامسة لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر.الظواهري وفي ظهوره المتكرر تدرج من هيئة المسلح الهائم في الجبال إلى مقدم في الاستوديو وأخيراً إلى مفكّر يجلس وخلفه مكتبة ترتص فيها مجلدات فاخرة.! تعددت الأشرطة ومعها تفاوتت الرسائل التي حاول الرجل أو ربما خبراء شركة «السحاب» إيصالها إلينا.

ليس خافياً أن القاعدة تجتهد لتركيز صورتها كمظلة راعية لمنظمات وتفرعات مستقلة حول العالم لكنها تحمل وعياً آيديولوجياً واحداً. ومعتنقو الوعي هذا ليسوا من المجانين وإن كانت الآيديولوجيا التي ينادون بها على قدر كبير من الجنون والعته.

لكن وعلى قدر ما قد تحمل الصور المتواترة من القاعدة أو حصراً من شركة «السحاب» من عنف أو تحريض مجنون عليه، على قدر ما تحمل من هزال وركاكة مشهدية.

صحيح أن هذا العنف هزّ العالم ذات يوم لكنه يتحول إلى مشهد في شريط يمكن أن يكون في لحظة كوميدياً, إذ أن المفارقة تكمن في أن القدرة على إحداث عنف هائل لا تتطلب درجة موازية من الذكاء. العنف يحتاج إلى نوايا فقط وإلى إرادة شيطانية

.diana@ asharqalawsat.com