لماذا لا يزور أبو عمار بغداد

TT

اراد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون الدفاع عن رئيسه، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فورطه، عندما ادعى ان الرئيس صدام حسين هو الذي طلب من ابو عمار ألا يزوره في بغداد حتى لا يزداد الضغط الاميركي عليه. انها قصة ثقيلة الهضم على العقل والمعدة ستفتح انتباه الغافلين ليتساءلوا بالفعل لماذا لم يزر ابو عمار حليفه وصديقه صدام كل السنوات العشر الماضية.

ابو عمار سياسي لا يخطئ ابدا في حسابات البقاء، ولهذا ظل حريصا على مدح صدام عن بعد. ولا احد ينسى انه كان في ضيافة صدام قبيل موعد القصف الجوي لبغداد، وهناك القى خطبا مشهورة شجع فيها العراقيين على المواجهة، وقال ان الاميركيين سيواجهون فيتنام جديدة، وسيعودون في اكفان كثيرة، وصرخ بمرحى للحرب ثم غادر بغداد قبل اربع وعشرين ساعة قبل القصف ولم ير المدينة منذ ذلك اليوم. الزعنون يريدنا ان نصدق ان صدام الذي لا يعفي احدا من لومه وتهديده هو الذي تمنى على عرفات ألا يزوره في العراق حتى لا يحرجه، امام الاميركيين ويزيد من ضغطهم عليه. أليس هناك ما هو اجمل على قلب صدام ان يرى الحرائق مندلعة مع الاميركيين حتى لو كانت في كوسوفو والبوسنة؟

ان كان الزعنون قد خف سمعه او ضعفت ذاكرته، فمن المؤكد ان الرئيس عرفات هو الذي يفضل عدم الذهاب الى فندق الرشيد لأنه سيخسر كل شيء، وهو محق في رفضه الذهاب الى هناك. ولتذكير الزعنون فصدام، وليس عرفات، هو الذي ظهر على الملأ فقط قبل شهر ووبخ عرفات لأنه يقبل بالتعامل مع الاميركيين. فكيف اصبح صدام يخشى ان يحرجه امام الاميركيين؟

ان ذهاب عرفات الى بغداد لن يخدم الا مصالح صدام فقط، ولن يكسب الرئيس الفلسطيني او شعبه منها شيئا باستثناء مليارات الدولارات الوهمية. ولهذا فإن عرفات لم يسافر. واكرر حكاية ما حدث في قمة عمان عندما اعلن الوفد العراقي عن تبرع حكومته بمليار دولار دفعة واحدة لصالح القضية الفلسطينية، فلم يصدق احد ولم يصفق للخطبة احد ايضا. تجاهل ابو عمار لصدام كان احد الاسئلة التي وجهت في المؤتمر الصحافي للوزير العراقي محمد سعيد الصحاف بعد قمة عمان، واجاب ان ابو عمار يستطيع ان يزورهم متى ما اراد ولا يحتاج الى تأشيرة. نعرف ان صدام حانق جدا على عدم زيارة ابو عمار له في بغداد، وحانق على تجاهل الزعماء العرب له، فلم يزره احد منهم بعد رغم خطب بعضهم الحماسية عن بعد للدفاع عن رفع الحظر. وما يزيد الرئيس العراقي، وله الحق في ان يغضب، ان زعماء لا علاقة لهم بالمنطقة تجرأوا وزاروه مثل الرئيس الفنزويلي رغم تحذير واشنطن له. اما من العرب فلم تزره الا قلة مثل الفنانة رغدة والفنان عادل امام وهذه مسألة محرجة للجميع.