أيهما إذن: بوش كافاكا.. أم بوش جيفرسون؟

TT

بدا الرئيس على وشك فقدان معركته في الأسبوع الماضي، فقد كان يصارع الجميع، وخاب أمل الصحفيين بغياب الاجابات المباشرة الصريحة حول التعامل مع المتهمين بالإرهاب، فيما اعتقد أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ انه من الحماقة بالنسبة لبلد عظيم مثل الولايات المتحدة أن يكون بطل المحاكم الصورية والحط من قدر المتهمين، بل وحتى وزير خارجيته السابق كولن باول الذي كان يشعر بالقلق من أن العالم بات «يرتاب بالأساس الأخلاقي لكفاحنا ضد الارهاب».

وبدا ان الأشخاص الوحيدين الذين لا يتصارع معهم الرئيس هم الديمقراطيون الذين دخلوا في غيبوبة والأشخاص الفظون الذين لم يواجهوا الكثير من المشاكل مع قضايا مثل التعذيب والسجن بدون محاكمة.

كبار المسؤولين بدأوا يرتعبون مما يجري. فقد انقشع ضباب السرية، وادارة بوش مرتاعة من أنه يتعين عليها في خاتمة المطاف أن تدفع ثمنا باهظا على انتهاكات حقوق الانسان التي أمرت بممارستها في ما يسمى بحربها على الارهاب.

وقضت المحكمة العليا بأن معاهدات جنيف تنطبق على السجناء المعتقلين من جانب الادارة، مما يعني ان اساءة معاملة أولئك السجناء، كما قال كثيرون منذ زمن بعيد، أمر غير قانوني بلا ريب، وهناك أيضا امكانية أن يسيطر الديمقراطيون، اذا ما استيقظوا، على واحد من المجلسين في الأقل، مما يمنحهم نوعا من سلطة الاشراف التي تجعل الادارة ترتعش.

ويحاول بوش وتشيني ومجموعتهما بقوة الامساك بشيء متداع مستعد للانهيار لأن استراتيجيتهم وتكتيكاتهم لمكافحة الارهاب قد واجهت صفعات في اطار عدم احترام حكم القانون. فما شهدناه خلال السنوات القليلة المنصرمة كان نسخة كابوسية من الولايات المتحدة. فهناك ملفات التعذيب والسجون السرية والمحاكمات التي تفرض عقوبة الاعدام والتي تحجب فيها الأدلة الأساسية عن المتهم، انها أمور ذات صلة بكافكا وليس بماديسون وجيفرسون.

والسبب الذي يجعل الرئيس بوش يحاول مسعورا الحصول على اقرار من الكونغرس لخطته في التحقيق مع المتهمين بالإرهاب ومحاكمتهم هو انه يحتاج الى التفسيرات الملتوية للقانون من اجل ان يبعد القضايا الهامة عن الانهيار.

وليست هناك ضمانة من أن الادارة يمكن أن تجلب الى العدالة على نحو ملائم أسوا الأشخاص من امثال خالد الشيخ محمد و13 آخرين من السجناء الهامين، ممن نقلوا مؤخرا من سجن لوكالة المخابرات المركزية الى سجن خليج غوانتانامو بكوبا.

ومن المعتقد على نطاق واسع بأن بعضهم او كلهم تعرضوا الى التعذيب. وفي البلدان المتحضرة لا يمكن قبول الادلة المنتزعة تحت التعذيب في المحاكم.

كما أن ادارة بوش ترغب في حرمان المتهمين بالإرهاب، حتى أولئك الذين يواجهون عقوبة الموت، من الحق في الاطلاع على الأدلة الموجهة ضدهم.

وهنا يقول سكوت هورتون المحامي البارز من نيويورك وأستاذ القانون في جامعة كولومبيا الذي مارس عملا واسعا في مجال حقوق الانسان: «نحن لا نتهم الأشخاص، خصوصا في القضايا الكبرى وحتى في القضايا الصغرى، بدون ان ندعهم يرون الأدلة المقدمة ضدهم».

ومن بين القضايا الكبرى التي تثير قلق الادارة هو احتمال ان تؤدي الأدلة الظاهرة الى اتهامات بجرائم حرب ضد مسؤولين كبار. وجادل الرئيس ومسؤولون كبار في الادارة بأنهم يسعون الى تغييرات في القانون من اجل حماية الجنود والمحققين الاعتياديين في مجال الاتهامات بارتكاب جرائم حرب.

ولكن هناك ارشادات واضحة في التعامل مع الجنود والمحققين المدنيين الذين يسيئون معاملة السجناء. وتعتبر قضايا أبو غريب مثالا جيدا في هذا الاطار.

والأشخاص الذين يمكن ان يشعروا بالقلق اذا ما جرى الكشف عن ارتكاب جرائم حرب هم أولئك المسؤولون الكبار الذين صاغوا السياسات غير المشروعة وأمروا بتنفيذها، أو الذين غضوا النظر عن المذابح.

وقال هورتون «أولئك هم الذين يكونون عرضة للادانة»، وأظن أن إشارته واضحة.

* خدمة «نيويورك تايمز»