بن لادن.. ولا يزال التنور حاميا!

TT

في غمرة التسريبات والتصريحات حول تأكيد أو نفي وفاة زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، والتي حدت بالرئيس الفرنسي جاك شيراك، ووزيرة خارجية أميركا كوندوليزا رايس، إلى التعليق عليها، خطرت لي الخاطرة التالية:

ماذا لو خرج لنا أسامة بن لادن في شريط فيديو اليوم أو غدا ليقول إنه يشعر بضيق واكتئاب منذ فترة وقرر أن يجلس ويراجع نفسه على كل ما حدث في العالم بسبب أفكاره، ومن آمن بها.

وبعد مراجعة ما أصاب الناس، بكل دياناتهم، من قتل وترويع، وحجم الأضرار الاقتصادية، وسقوط دولتين مسلمتين بعد هجمات 11 سبتمبر، وما أصاب المسلمين من ضرر في العيش، والسمعة، قرر أن يخرج في هذا التسجيل التلفزيوني ليعلن أمام الملأ ندمه على ما اقترفه، ويتبرأ إلى الله من تلك الأفكار، وطلب من محبيه ومريديه، وشباب المسلمين عدم الاقتداء بما قاله وفعله، ويطلب منهم الانصراف إلى الدين السليم السمح، والأخذ عن العلماء الذين يعتد بهم، وعدم الخروج عن الجماعة، وشق صف الطاعة.

لو قال بن لادن كل ذلك فعلا فماذا سيكون رد فعل مريدي زعيم «القاعدة» ومحبيه؟ هل سينتهون ويعلنون التوبة، ونقول حينها إن «القاعدة» انتهت، وانتهينا من شرور أفكارها؟ بكل تأكيد الإجابة هي لا!

فحينذاك سيتجاوزه مريدوه بحثا عن بن لادن آخر. بل أكثر تشددا! وسيقال: أرأيتم انه عميل؟ سيتجاوزونه كما يتجاوز السيل كل ما يعيق طريقه. وهناك نماذج، وشواهد.

ففي السعودية، وعندما خرج ناصر الفهد، أبرز الثلاثي التكفيري وأحد المصادر الرئيسية لبنية الفكر القاعدي من خلال مؤلفاته، معلنا تراجعه عن التكفير، والتخلي عن فكر «القاعدة»، كتب طلابه والمعجبون به حينها «نسأل الله له الثبات، فالمؤمن مبتلى».

ولذلك فإن المهم ليس وفاة بن لادن، أو اعتلال صحته إلى حد الخطر، المهم هو أن أفكاره بخير. فقط تأملوا المواقع الأصولية، مثل الساحات، ومروجي أفكار«القاعدة» من كتّاب الصحف، أو محاضري المنابر، أو التجمعات المدنية.

قبل شهر سألت مسؤولا أمنيا في السعودية انه على الرغم من النجاحات الأمنية المتتابعة التي تحققونها إلا أنني لا افهم كيف ينضم هؤلاء الصغار إلى «القاعدة»؟ حينها قال «بسبب إمام الضلال»! سألته ومن هو؟ قال «الإنترنت»!

والأمر ليس في السعودية وحدها، فالمعلومات تشير إلى أن مفجري لندن أيضا تم تجنيدهم عبر الانترنت.

لكن هل الانترنت وحده المسؤول؟ ماذا عن المعلمين والمعلمات، والمحاضرين والمحاضرات، فالتطرف منتشر حتى بين صفوف النساء.

ما أريد قوله هو: إذا كانت واشنطن تريد خبر وفاة بن لادن، ليكون الرئيس بوش قد خرج من فترة ولايته مع وفاة عدوه اللدود أسامة بن لادن، وإذا كان البعض في عالمنا يريد خبر وفاته ليقول ان الشر قد زال، ونحن الخير والبركة، فعلينا أن نتذكر أن أفكاره لا تزال بخير، وهناك من يبذل كل جهده ليبقى تنور أفكاره حاميا. وهذا هو الأهم.

[email protected]