شيء على الأرض!

TT

من المناظر المألوفة ان تجد أناسا في الشارع أو على الرصيف قد التفوا حول «شيء» مغطى بورق الصحف.. أو ان أحد الواقفين قد خلع عليه جاكتة.. هذا الشيء هو إنسان سقط على الأرض بفعل سيارة أو بفعل طوبة تدحرجت فوق دماغه أو بالوعة سقط فيها.. ومن الممكن ان يستمر هذا المشهد الصامت ساعة أو اكثر. وباستمرار هذا المنظر يتأكد معنى سخيف هو انه لا أحد يدري ما الذي يفعله إذا أغمي على إنسان في الشارع، من الذي يستدعيه، ما هو الرقم الذي يطلبه، واهم من ذلك ان اكثر الناس لا يعرفون الإسعافات الأولية.. أنا مثلا!! ما الذي تفعله لكي يعاود إنسان تنفسه، ما الذي تفعله لكي يتوقف نزيف الدم؟ هل تترك هذا «الشيء» في مكانه.. أو تتعاون على حمله إلى جانب من الشارع؟ ما هو دورنا وما هو دور رجل الشرطة؟ إذا كان رجل الشرطة موجودا فلا بد ان لديه معلومات عن مثل هذه الإجراءات أو من الضروري ان يكون مزودا بها.. ولكن المشكلة هي عندما لا يكون هناك رجل شرطة!

معلوماتنا جميعا ناقصة. وهمتنا خامدة. واحساساتنا بالغير ميتة. وربما كانت الخدمة الوحيدة التي يؤديها لنا هذا «الشيء» الذي سقط انه ينقذنا من حالة السرحان التي عندنا.. فنجد فيه شيئا يبلور تفكيرنا أو انتباهنا أو يسحب عيوننا إلى شيء على الأرض.. دون ان نفعل اكثر من ذلك.. وهذه هي المشكلة!! بمثل هذا الأسلوب نعامل سيارة الإسعاف عندما تصرخ وراء السيارات، فعندنا كل واحد ينزعج من صوت سيارة الإسعاف.. من الإنذار الطويل ومن أجراسها. وكل واحد يقول في نفسه.. الحمد لله.. أي الحمد على ان مكروها لم يصبنا ولم يلق بنا في هذه السيارة.. ولكن في نفس الوقت لا نشعر بأن مكروها أصاب أحدا غيرنا وانه من الممكن ان يكون بينه وبين الموت لحظات قصيرة.. وان إنقاذه على أيدينا، إذا نحن أفسحنا الطريق لسيارة الإسعاف وإذا تحول انزعاجنا إلى عمل إيجابي.. وإذا تصورنا ولو لحظة واحدة إننا في سيارة الإسعاف وإننا مهددون في حياتنا وإذا لم نصل إلى الطبيب في أسرع وقت ومن اقصر طريق..

إذا أحسسنا بهذا كله أفسحنا الطريق لسيارة الإسعاف لكي تتقدمنا جميعا.. ولكن الذي يحدث هو نوع من لذة تعذيب الآخرين أو نوع من اللامبالاة الإجرامية لأنها تؤدي في النهاية إلى قتل المريض والجرحى الذين تصرخ سيارة الإسعاف بالنيابة عنهم.

يبدو أننا في حاجة إلى كثير من المعلومات الأولية لنساهم في مساعدة الناس وإنقاذهم.. وفي حاجة اكثر إلى ان نكون اكثر إيجابية وأميل إلى الخير العام!