أمين جديد.. مرحلة جديدة

TT

لا يتوقع احد من اي امين عام جديد للجامعة العربية ان يحدث تغييرا كبيرا في الواقع العربي، لانه في النهاية ينفذ ما تريده حكومات الدول الاعضاء، لكن شخصية الامين العام وفعاليته عادة مايكون لهما تأثيرهما على هذا الواقع في اطار المبادرات التي يمكن للامين العام ان يطلقها، وجهوده وحركته بين الدول الاعضاء.

في هذا السياق يمكن القول ان الجامعة العربية تدخل مرحلة جديدة مع تسلم عمرو موسى منصب الامين العام، اذ من المتوقع ان تشهد تطويرا وتفعيلا للعمل العربي وذلك في ضوء عاملين رئيسيين: الاول ان هناك ارادة عربية الان لتفعيل دور الجامعة وتقويتها، واصلاح النظام الاقليمي العربي. والواقع ان هذه الارادة عطلتها في بداية حقبة التسعينات كارثة الغزو العراقي للكويت وما افرزته من تداعيات ما زالت تؤثر حتى الآن في الجسم العربي. والعامل الثاني هو ان الامين العام الجديد لديه تفويض من القمة العربية الاخيرة في عمان باجراء الاصلاحات اللازمة في هيكل الجامعة، كما انه اثبت نجاحا ملحوظا في عمله كوزير لخارجية مصر، واكتسب شعبية توفر له غطاء من الثقة في مشروعاته لتطوير الجامعة.

والحديث عن تأثير شخصية الامين العام على دوره لا يأتي من فراغ رغم العلم بأنه مقيد في النهاية بالميثاق وحدود صلاحياته، فالتجربة تثبت ان الامناء العامين الاقوياء الذين تسلموا الامم المتحدة كان لشخصياتهم دورها في التأثير على نفوذ المنظمة الدولية وطريقة تحركها في حل الصراعات الدولية، وما ينطبق على الامم المتحدة ينطبق على مؤسسات ومنظمات اقليمية كثيرة.

لقد اشار موسى امس، كأمين عام للجامعة العربية، الى تركيزه في البداية على اعادة هيكلة الجامعة وترتيب البيت من الداخل، عاكسا بذلك اولوياته وهي اولويات صحيحة لان تفعيل دور المنظمة بما يجعلها تتماشى مع روح العصر يتطلب تقوية هيكلها وتخليصها من الترهل حتى تكون اداة كفؤة في منطقة تحتاج الى الكثير.

سياسيا لا يمكن توقع المعجزات بمعزل عن ارادة الدول العربية نفسها، ولعل اهم ملفين عربيين امام الامين العام الجديد هما: الملف العراقي، الذي لا يعد قضية عربية فقط بل تدخل فيه اطراف دولية بالاضافة الى مجلس الامن الذي يطلب من بغداد تنفيذ القرارات الدولية. اما الملف الثاني فهو ملف القضية الفلسطينية.. وهنا تبدو الجامعة مؤهلة للعب دور حيوي في طرح الافكار والمبادرات من اجل دعم الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وقيام دولته المستقلة.