المدرسة.. والحياة!

TT

هناك نادرة مشهورة هي ان تلميذين هربا من المدرسة، وتسلقا السور الى سطح للنزول الى الشارع.. وتعارف الهاربان الصغيران فكان احدهما هو ونستون تشرشل والثاني برنارد شو.

والأول هو البطل القومي الانجليزي في الحرب العالمية الثانية حيث قادها الى النصر، والثاني هو اشهر فيلسوف وكاتب وناقد بريطاني في القرن الماضي.

والنادرة تريد ان تقول ان اشطر التلاميذ ليس بالضرورة من سيكون نجم المستقبل في مجال.. فالمدرسة شيء والحياة شيء آخر.. والمثل يقول ايضا ان اهم شهادة يحصل عليها الانسان في حياته هي شهادة مدرسة الحياة.

وذلك يعود الى ان الذكاء ليس نوعا واحدا.. فهناك الذكاء التحصيلي وهو ما يميز الطالب المجتهد، وهو ما كنا نسميه على ايامنا بـ«الصمام» الحل الذي يصم الدروس او يحفظها عن ظهر قلب.. هذا الصمام عندما يخرج الى الحياة العملية يواجه بان ظروف الحياة ليست قابلة للصم، فالاشياء والاحداث والناس تتغير كل يوم ولا يمكن حفظها ولا صمها، فهو محتاج الى ذكاء من نوع آخر غير الذكاء التحصيلي، انه في حاجة الى الذكاء العملي التحليلي حتى يستطيع ان يشق طريقه الى النجاح.

مثل آخر للطالب «الخائب» الذي يتنبأ له الجميع بالفشل في حياته.. هذا الطالب هو فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، والرجل الذي شق طريقه الى مقعد الكرملين في بضع سنين.. فقد كشفت صحف روسية ان بوتين كان طالبا عاديا خلال سنوات الدراسة فلم يحقق اي درجات متقدمة في الامتحانات الا امتحانات التاريخ.

اكثر من هذا ان بوتين كان طالبا مشاغبا.. يكثر من الشجار مع زملائه في الفصل ويكثر من ازعاج مدرسيه.. ثم انه لم يكن يهتم بواجباته المدرسية وكان يحصل على صفر في مادة الرسم وكثيرا ما كان اساتذته يطردونه خارج الفصل!! هذا الطالب المزعج والمتوسط الاداء اصبح رئيسا لروسيا الاتحادية، وهي رغم تفكك الاتحاد السوفياتي ما زالت اقوى دولة في العالم بعد الولايات المتحدة.. ولعل زملاء بوتين في المدرسة من الطلبة المجتهدين الذين يحصلون على الدرجات النهائية وعلى اعجاب ذويهم ورضا اساتذتهم.. لعل هؤلاء يعملون الآن مهندسين او اطباء او اساتذة جامعات بدون ان يفكر احدهم في الصعود الى كرسي رئاسة روسيا.

النجاح في الدراسة ليس مؤشرا الى النجاح في الحياة، ولكننا بالطبع لا ننصح طلبتنا بان يكونوا مثل الطالب بوتين ليصبحوا رؤساء!