من يريد الهدية؟!

TT

قال لي: كنت أقود سيارتي في إحدى المدن الأوروبية، وكان أمامي سيارة تقودها امرأة، وفجأة أوقفت المرأة سيارتها بدون أي توقع مني، مما جعل سيارتي تصطدم بسيارتها، وإذا بشعرها المستعار (الباروكة) يطير من رأسها، ويستقر بالمقعد الخلفي، فنزلت من السيارة لاعتذر واطمئن عليها، وأقول لها على طريقتنا دائماً: (سلامات)، غير أنها قالت لي وهي تعيد باروكتها على رأسها: بسيطة حصل خير، فقلت لها مخففاً دمي: الحمد لله ظننت أن رأسك هو الذي انفصل عن جسدك وطار، فضحكت لخفة دمي وعزمتني على فنجان قهوة، وقبلت دعوتها.

قلت له: لقد وقفت على حادثة مشابهة للحادثة التي مررت بها، ولكنها حصلت في بلد خليجي في أواخر السبعينات، وحيث أن (موضة) الشعر الطويل كانت سائدة بين الشباب، فكثير ما كان الشباب يفعلون ذلك، غير أن ذلك البلد الخليجي يحارب هذه الموضة أو التقليعة المظهرية، وكانت هناك هيئة أو لجنة لردع الشباب المنفلت الذي يقلد المظاهر الغربية.

وبينما كنت (اكسدر) ـ أي أتمشى وأتفرج ـ في أحد الأسواق العامة في تلك المدينة الخليجية، وكنت أشاهد أحد الشباب الذي لفت نظري بأناقته وشعره الطويل، غير أنني لم ألق له بالاً، إلاّ عندما شاهدت مجموعة من رجال هيئة الآداب، يتقدمهم رئيسهم، وكان شيخاً كبيراً بالعمر غير انه كان نشيطاً ومتجهماً لا يقبل ولا يطيق الحركات الصبيانية، وما أن لمح ذلك الشاب الذي (يتمخطر) أمامه بأمان الله، إلاّ أن قفز عليه وامسك بشعره بعنف، وإذا بالشعر كله يخرج في يده، واعتقد الشيخ المسكين انه انتزع فروة رأس ذلك الشاب من جمجمته، وأظن انه لم يعرف أو يسمع عن شيء اسمه الباروكة من قبل، فصرخ الشيخ من هول المفاجأة، ورمى بالباروكة، وانطلق يركض على غير اتجاه كالمجنون من شدّة الرعب، فيما كان الشاب ينطلق هو أيضاً هارباً في اتجاه آخر، وصلعته تلمع من أنوار السوق.. وكانت مفارقة عجيبة ضحك لها كل من شاهدها في السوق، وإنني اعتقد لو انه كانت هناك كاميرا تصوير تلفزيونية وصورت تلك الحادثة، فإنني على يقين انها سوف تنال جائزة، لأنها حدثت سريعاً وبجدّية بالغة ودون أي (فبركة).

ولا ادري ماذا حصل للشيخ المتحمس بعد ذلك، خصوصاً أن الرعب الذي أصابه كان لا يوصف، إلى درجة أن هيبته ووقاره تلاشيا بغمضة عين، فعباءته طارت في جهة، وشماغه في جهة أخرى، حتى نعاله التي كان ينتعلها تطايرت من قدميه وهو يركض.

وعندما انفضت الساحة انحنيت وتناولت (الباروكة) من على الأرض ونفضتها مما علق فيها، وقررت الاحتفاظ بها لإهدائها فيما بعد لمن يرغب.

فهل ترغب بها يا عزيزي القارئ، ويا عزيزتي القارئة؟!، فهي في حوزتي، وهي على فكرة تنفع للجنسين (لا مشكلة).