طاش 14.. ثورة المفاهيم

TT

هو حتماً مسلسل مثير للجدل. ساخط وساخر وحاد وقاسٍ مرات. ولكنه يظل قبلة المشاهدين السعوديين على اختلاف مشاربهم في كل شهر رمضان. أولى حلقاته اللافتة هذا العام تحدثت عن حياة الشباب والغزل مع الفتيات من خلال الهاتف. الحلقة جاءت متسقة مع هوية البرنامج الساخرة، ولكنها ايضاً، كالعادة حملت مفهوماً مختلفاً لفهم السلوكيات والتعامل معها.

الحلقة قدمت واقعاً يجب الاعتراف به وعدم غض الطرف عنه وتجاهله، وحملت رؤية أوسع لتفشيها ليس وسط الشباب فقط، ولكن أيضاً بين بعض الكبار. يقول هاشم منديلي، 23 عاماً، «أجمل ما في الحلقة أنها لم تعترف فقط بوجود المشكلة، ولكنها ايضاً وضعتها في إطارها الطبيعي سواء من ناحية الفعل او عقابه». ويضيف «أذية الفتيات والنساء بالتأكيد انه سلوك مشين، ولكنه فعل طائش من سمات المرحلة العمرية والسنية، ومعالجته يجب أن تبقى في بعض الحالات، بالطبع وليس جميعها، وفق بيئتها الاجتماعية. فوالد الفتاة في الحلقة تأذى من معاكسة المتصلين، وقرر عقاب الشاب على طريقته؛ وهي طريقة تكفل له كف أذاه عن أهل بيته، وتجعله يكف عن فعله، وفي ذات الوقت عدم تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل وعرض الشاب على الجهات المختصة وتضييع مستقبل الشاب الذي لابد أنه تعلم درسه».

بالتأكيد انه ليس من دور الدراما حل المشكلات وإيجاد حلول سحرية لها، ولكن دورها الرئيس أن تكون صادقة ومرآة للواقع مهما كانت بشاعته.

أما الحلقة الاكثر إثارة للجدل، فكانت بعنوان «ارهاب أكاديمي»؛ والتي كانت في قالب ساخر من حياة ونمط تفكير الارهابيين، الذين يستغلون ثقة الآباء في بعض المراكز الصيفية، ويرسلون أبناءهم لها بغرض قضاء وقتهم فيما ينفع، ولكنه يفاجأ بأن البعض أفسد براءة الفكرة وجند ابنه الشاب وغرر به في أفعال مشينة ضد دينه ووطنه.

ولكن سالم الشيباني، 19 عاماً، له رأي مختلف، يقول فيه «اعتقد أن الحلقة ساذجة في معالجتها وفيها تجرؤ على الدين وبعض مظاهره. وهذا محرم ولا يجوز، فليس من المنطق والعدل أن يؤخذ الأخيار بجريرة الارهابيين». ويضيف «أنا لست ضد النقد، ولكني ضد السخرية في النقد، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالدين ورجاله».

الأكيد أن «طاش 14» لم يسخر من الدين، وإنما من بعض ممارسات الارهابيين، ثم أن اشارة المسلسل لبعض هذه المراكز ودورها في دعم هذه التنظيمات الارهابية باليافعين والشبان، أثبتته الأشهر الماضية، فأحد المطلوبين أمنياً أقر بذلك صراحة في تسجيل مرئي بثته جميع القنوات الفضائية نقلا عن أحد المواقع الأصولية. والعام الماضي وجه وزير التربية والتعليم السعودي بناء على طلب من وزارة الداخلية، بتعليمات تقضي بـ«بتطبيق ضوابط مشددة لمنع استغلال الرحلات المدرسية من أصحاب الفكر المنحرف وتطبيق آلية جديدة للرحلات المدرسية».

الحلقة كانت واضحة، وهي تنتقد وتسخر من ممارسات الارهابيين وليس المتدينين، إلا إذا كان هناك من يعتقد أن ممارسات الارهابيين هي جزء من الدين.. عندها يصبح النقاش معهم له منحى آخر.