قل لي كيف تقرأ أقل لك من أنت؟!

TT

أنت لا تعرف كيف تقرأ ولا كيف تكتب!

لست وحدك ولكن كل الناس أيضاً.. فكل إنسان له طريقة فى إمساك الصحيفة وتقليب صفحاتها وقراءتها.. هناك أناس يقرأون الصحيفة بعيدة عن عيونهم. وأناس يلصقونها بعيونهم، وأناس يقرأون بالجنب.. وآخرون يقرأون بالطول كأن الصحيفة مكتوبة بالياباني، وبعض الناس يقرأون بعين واحدة كأنهم يتجسسون على الناس.. أو كأنهم يريدون أن يقرأوا دون أن يشعر أحد من الذين يقرأون عنهم أو يرونهم فى الصحف. والذين يقرأون وقوفاً ونياماً ويقرأون الصحف التي في أيدي غيرهم من الناس..

فأين الخطأ في هذا كله؟

لا أريد أن أذكر عدد الأطباء الذين أيدوا هذه الملاحظات فى مؤتمر العيون العالمي.. ولكن أؤكد أن هذه ملاحظات الدكاترة على الناس.. والخطأ هو أن كل إنسان يجب أن يذهب إلى الطبيب ويسأله عن المسافة التي تبعد بها الصحيفة عن وجهه.. وهل يقرأ تحت النور أو بعيداً عنه.. هل يقرأ الكتب العلمية.. أو هل يقرأ القصص الطويلة أو القصيرة وكم يكون حجم الحروف. كل إنسان يجب أن يفعل ذلك.. فإذا لم يفعل فإنه معرض لضعف مستمر فى عينيه.. وأنواع من الصداع لا يعالجها الأسبرين.. بل كثيراً ما أدت القراءة المرهقة إلى اضطراب نفسي .. وأحياناً اجتماعي دون أن يكون هناك أي سبب غير تعب العيون!

ومعنى كلام الدكاترة أنه لا يوجد إنسان واحد فى الدنيا يعرف القراءة وأصولها.. ولا يستطيع ذلك إلا إذا أمسك الإنسان فى يده مسطرة ووضعها تحت ذقنه كلما فتح صحيفة أو كتاباً.. والمسطرة يجب أن تكون فى طول المسافة المسموح بها طبياً!

ولا نعرف كيف نكتب أيضاً!

فلا يوجد إثنان من الناس يمسكان القلم بطريقة واحدة، ولا يضغطان عليه بصورة مريحة.. ولذلك اختلفت أشكال الحروف وأبعادها وأطوالها ووضوحها.. واختلفت الأصابع النحيفة عن الأصابع الغليظة.. واختلفت درجات الضغط على القلم.. ويفسر علماء الخط أن الكتابة السريعة والبطيئة لها علاقة بالطريقة المريحة لمسك القلم.. وسبب ذلك أن أحداً لم يعلمنا أن نمسك القلم.. وإنما علمونا أن نكتب فقط.. أما لون الحبر أيضاً فله علاقة بالمزاج الخاص وله علاقة بالعين.. وهناك أناس يكتبون بالحبر الأحمر والأخضر والأزرق، وقليلون الذين يختارون الحبر الأسود.

وإن كان العلماء يرون أن الحبر الأسود يدل على التشاؤم العميق وهذه الملحوظة الوحيدة التى تنطبق على كاتب هذه السطور، فأنا أكتب بالحبر الأسود منذ خمسين عاما. وليس ذلك لمزاج شخصي وإنما سببه أن أصدقاء لي من الكويت والسعودية أهدوني كمية تكفى لنهاية هذا القرن.