عنيف كل ما في حياتنا!

TT

في الصحف البريطانية مناقشة حول: أضرار العنف في البرامج التليفزيونية على الأطفال.. وضرورة التدخل حتى لا يفسد هذا الجيل كله..

رأي يقول: إن الشر أكثر إغراء من الخير. خصوصا إذا عرفنا أن الشر جميل ولذيذ.. وأن المسلسلات التليفزيونية تتفنن في الضرب وإطلاق الرصاص والقتل: مسلسلات رعاة البقر.. والقصص البوليسية، ويكفى أن ننظر إلى حادثين هامين جدا: احدهما إعادة صياغة «الكتاب المقدس» في عبارة سهلة هذه المحاولة تعتبر ثورة في التعاليم الدينية.. والحادث الثاني هو سرقة القطار المشهور.. من المؤكد أن الأغلبية الساحقة من الأدباء الشبان والصغار يقرأون حادث سرقة القطار.. ولابد أن هذا العنف يترسب فى نفوس الأطفال ويغريهم بالتقليد.. والأطفال حيوانات تقلد ما حولها من البشر.. وإذا نحن أعطينا مجموعة من الأطفال بعض اللعب فإنهم يتقاسمونها ويلعبون بها في هدوء.. وإذا عرضنا عليهم فيلما يرون فيه الكبار يستخدمون هذه اللعب نفسها في تكسير الزجاج والنتيجة تحول الأطفال بسرعة الى مجرمين!

رأي آخر يقول: هناك نوع آخر من العنف يقدمه التليفزيون أيضا مثل صور الحروب المنتشرة في العالم. النار حقيقة .. والدماء حقيقة. ولكن الطفل لا يستطيع أن يفرق بين دماء رعاة البقر ودماء ضحايا فلسطين والعراق.. إنها جميعا أفلام..

بل إن الطفل ينظر إلى النار والدم على أنهما نوع من التمثيل، وبذلك يبطل مفعول العنف. فاعتياد الطفل على العنف يفقد العنف قوته وأثره.. ومعنى ذلك أن العنف في التليفزيون وفي السينما أيضا لا أثر له.. فلا خوف على الأطفال من أفلام رعاة البقر أو المذابح البشرية في كل أنحاء العالم..

رأي ثالث يقول: ان الحياة مملة.. خامدة.. جامدة.. وكما يلجأ الناس إلى استخدام الملح والشطة في الطعام.. فإنهم محتاجون إلى الدم والنار في أفكارهم حتى تصحو عقولهم وتنشط أفكارهم وتهتز حياتهم وينهضوا من البلادة النفسية والعاطفية أيضا.. وحتى ينهضوا لكي يقاوموا العنف أو ليستغرقوا فيه!!

إنني أميل إلى اعتبار هذه البرامج العنيفة نوعا من النكت العنيفة التي تهزنا لتضحكنا.. أو لتوجعنا ونعتاد على الاهتزاز وعلى التوجع.. ثم ننصرف كلما كبرنا إلى هموم أخرى جديدة.. لأن الحياة هموم متجددة!