التكافل الاجتماعي

TT

يعكس حجم التكافل الاجتماعي ثراء الحس الإنساني لدى أفراد المجتمع، ويشهد المجتمع السعودي الكثير من المنجزات في هذا المجال تقوم بها مؤسسات وأفراد لتتضافر جهودهم مع جهود الدولة للوصول إلى مجتمع يتسم بالتراحم والتعاضد والتعاون، وتعكس هذه الإسهامات الإحساس الرائع بالمسؤولية الاجتماعية لدى شريحة كبيرة من أبناء هذا البلد الذين توارثوا نزعة التكافل العميقة الجذور في تاريخنا الاجتماعي.

وقد سعدت مساء السبت الماضي أن أكون ضمن من حضروا حفل توقيع عقد إنشاء دار للأيتام في حائل تصل تكلفتها إلى ما يزيد على 100 مليون ريال، وتتسع لـ 176 يتيما من الجنسين.. ومما زاد من سعادتي أن يكون المتبرع بهذا المشروع الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد صاحب رؤية تربوية ناضجة انعكست على تصميمات المبنى، مراعية حتى التفاصيل الهندسية الصغيرة لتحقيق أكبر قدر من الأجواء الحياتية المناسبة للأيتام الذين سيقطنون تلك الدار، ويستفيدون من خدماتها.. ولما كانت دور الأيتام من المؤسسات ذات المتطلبات التربوية الخاصة حتى لا تتحول إلى مناطق عزل لقاطنيها عن المجتمع الذي يحيط بهم، فلقد كان من مميزات هذا المشروع أن يتيح لقاطنيه الدراسة في المدارس العامة جنبا إلى جنب مع غيرهم من الأطفال، الأمر الذي يتلافى الكثير من السلبيات التي وقعت فيها بعض دور الأيتام في الماضي حينما كانت تقرن تلك الدور بمؤسسات تعليمية تقتصر على أولئك الأيتام وحدهم.

هذا المشروع الذي تبرع به هذا الرجل الكريم لكي يحقق أغراضه الإنسانية الخيرة فإنه في حاجة إلى دعم البيئة الاجتماعية المحيطة به من خلال تفعيل فكرة الأسر المضيفة التي يمكن أن تستضيف أطفال تلك الدار في عطل نهاية الأسبوع والإجازات لينعم الأيتام بدفء الحياة الأسرية التي افتقدوها، ولتحقيق النمو النفسي السليم لهم من خلال إحساسهم بالانتماء العاطفي إلى تلك الأسر المضيفة الكريمة، فدور الأيتام وإن كانت تبدأ بتوفير المأوى، إلا أن تفعيلها الوظيفي يحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود الرسمية ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، والجهود الأهلية، متمثلة في البيئة الاجتماعية المحيطة بالدار حينما يسعى الجميع إلى إذابة المسافة بين قاطني تلك الدور من الأيتام والمجتمع الذي يحيط بهم من خلال برامج تواصل مكثفة تعوض اليتيم إحساسه بالفقد وهو يستشعر أن له في بيئته الاجتماعية قلوبا رحيمة يمكن أن يأوي إلى ظلالها مطمئنا.

وللدكتور ناصر الرشيد ولكل الذين استشعروا بنبل مسؤوليتهم تجاه مجتمعهم أصدق الدعاء وخالص التقدير.

[email protected]