رجل مسلم جميل

TT

في ظل خطف الدين الإسلامي من قبل بعض الفئات المتعصبة الشاذة من ابنائه، كم يثلج الصدر ويزهر الأمل حين يتم ابراز صورة المسلم الحقيقي الجميل. تذكرت هذا وأنا أتابع خبر فوز محمد يونس ومصرفه جرامين متقاسمين جائزة نوبل للسلام. محمد يونس من بنغلاديش، وهو من مواليد 1940، استاذ جامعي في الاقتصاد قدم نموذجا فذا في كيفية خدمة الاقتصاد وتسخيره لصالح الفقراء، وأقام نموذجا عظيما للتمويل الصغير وأنشأ ما بات يعرف ببنك الفقراء. هذه الفكرة تكونت من مشاهدته لأمه وهي لا ترد فقيرا من باب بيتهم، وزادت قناعته الشخصية بأن على الانسان أن تكون لديه رسالة مهمة في الحياة.

وبعد تخرجه حاول مساعدة 42 امرأة من أفقر الناس بإقراضهن شخصيا وبلا فائدة، وبلا موعد محدد لعودة أصل المبلغ، ونجحت التجربة، وحاول الحصول على دعم للفكرة من البنك المركزي والبنوك التجارية، فسخروا منه وقالوا له إن الفقراء لا يستحقون الدعم. وبعدها اقترض هو شخصيا قرضا خاصا ووزعه على مجموعة من 500 أسرة، ونجحت التجربة نجاحا باهرا.

وفي عام 1979 تبنى البنك المركزي الفكرة وولدت فكرة بنك جرامين والذي يعني مشروع القرية.

وتوسعت التجربة لتشمل مناطق أخرى، وقفز عدد عملاء البنك في عام 1983 الى 59 ألف شخص يخدمهم 86 فرعا. وهنا وفي هذه اللحظة قرر محمد يونس أن ينهي حياته الاكاديمية ويتفرغ لهذا العمل الاقتصادي الفذ. وتحولت هذه التجربة اللافتة الى مبادئ اقتصادية فلسفها محمد يونس بمبادئ وقيم تؤكد حق الفقراء في فرصة العيش الكريم، وضرورة أن تكون لهم فرصة الاقتراض بسوية وعدالة، ناهيك من مبدأ تهيئة الظروف المناسبة للمحتاج أن يتمكن من مساعدة نفسه، اضافة لذلك كله، كان هناك مبدأ، ان مبدأ تحسين حال الأسر الفقيرة يكون أيضا من خلال تحسين وضع النساء فيها، وتمكينهن أن يكن منتجات وقوة عمل فاعلة بما فيها المهارات المنزلية كقوة اقتصادية مدرة للدخل. وكل هذه التجربة الثرية أعجب بها العالم، وبدأت تقلد في أكثر من موقع وبنجاح، وشوهدت النتائج الايجابية في أمريكا والفلبين وبوليفيا وماليزيا والبيرو وتنزانيا. محمد يونس يمثل قيمة حضارية وانسانية غير عادية، يطبق ممارسة تعاليم الاسلام الحقيقية ووسطيته السمحة بمنح الفرص للعيش بكرامة ومساعدة الآخرين وفك كربتهم، وقضاء حاجتهم، من دون الحاجة للتضييق على خلق الله بآراء مكفرة منفرة مرهبة مقززة تفرق وتمزق وترهب كما هو حاصل الآن في العالم العربي من العالم الاسلامي. محمد يونس قرر أن يكون عنصرا ايجابيا يحترم موقعه في العالم، ويحترم دور الانسان في إعمار الارض، وخلافة الله فيها ولم يعبأ بالآراء التي تحثه على كتم الكره والبغض في قلبه لمن يخالفه في الرأي.

نبارك لمحمد يونس، هذا المسلم الجميل الذي يعيد الأمل للملايين من الشباب الذين يبحثون بنهم عن قدوة ينظرون إليها باعجاب واحترام. ومحمد يونس مثال لذلك.

[email protected]