نحن نخوض في أخطاء لا ندرى بها!

TT

فى سنة 1954 كتبت مقالا جاء فيه: أن الثعبان من الطيور! واتخذها أستاذنا العقاد نكتة فى جلساته وفى أحاديثه التليفونية. ولا أعرف ما الذي جعلني اكتب ذلك. فمن المؤكد أنني أعرف أن الثعبان من الحيوانات الزاحفة على بطنها: فلا جناحان ولا ساقان ولا يدان!

وفى سنة 1956 ـ ومن دون شعور واضح ـ كتبت أن الثعبان من الحيوانات مصاصة الدماء ونبهني صديق كبير الى هذه الغلطة.. ولا أعرف أيضا ما الذي جعلني أقع في هذه الغلطة.. وربما كان الثعبان هو الحيوان الوحيد الذي يبتلع فراشة من دون أن يحتاج الى بذل مجهود في طحنها وتذويبها، وانما يترك ذلك كله لعمليات كيميائية في داخله!

ولم يفت الأستاذ العقاد أن يجعل من هذه الغلطة نكتة أيضا وأهداني كتابا عن الزواحف.. وكتابا عن الثعابين.. في العالم 2700 نوع من الثعابين! وبعدها بعشر سنوات وقعت في غلطة تعتبر اهانة للثعابين.. فقد نقلت عن المستشار البهنساوي من كتابه عن «النباتيين» أن الثعبان حيوان نباتي ولذلك طال عمره..

والثعبان ليس نباتيا.. ولو كان العقاد حيا لأغرق الدنيا ضحكا على هذه الغلطة للمرة الثالثة.. ولكن قارئا موظفا في حديقة حيوانات الجيزة نبهني بعنف.. واقترح ان يكون لي قفص في الحديقة الى جواره.. ومعه حق.. فليست هذه هي الغلطة الأولى..

ورحت أقلب في مذكراتي الخاصة.. ووجدتني قد سجلت المناقشة التي دارت بيني وبين العقاد حول هذه الغلطة. ووجدت أنني رددت هذه الغلطة الى مشاكل في طفولتي.. وربما كان من بينها أنني نهضت من نومي وأنا صغير فوجدت ثعبانا قد تكوم تحت غطائي، والثعبان جاء من الحديقة التي يطل عليها بيتنا.. واعتقد أنني ظللت احلم بالثعابين سنوات طويلة.. ولم أتخلص من هذه الاحلام الا عندما ظهرت أحلام مفزعة أخرى!!

وتذكرت أن والدي، رحمه الله، كان يطارد الثعابين.. وكانت عنده مقدرة غريبة على أن يلاحق الثعابين، وبسرعة مذهلة يمسك الثعبان من ذيله ثم يهوي به الى الأرض ميتا، وفي احدى المرات تناثر الدم على وجهي وملابسي.. أما حالتي فكانت نوعا من المرض القريب من الموت!

وعندما ذهبت الى الهند أحسست وأنا في صالون أحد الحلاقين أن في السقف ثقبا ينفذ فيه صاروخ من الهواء. ونظرت الى أعلى لأرى: ولم يكن هذا الصاروخ الا هواء صادر من عنق ثعبان ضخم.. وهربت من المحل.. والحلاق يلاحقني بالفوطة والمقص.. والضحك!!

ربما كانت هذه حوادث تلخبط العقل وتجعله يقع في أهون المعلومات الثعبانية ربما!