الماء والخبراء المحايدون!

TT

لو كنت مسؤولا في وزارة الكهرباء والمياه في السعودية لفرضت على المسؤولين في هذه الوزارة أن يكفوا عن التصريحات الصحافية خاصة ما يتصل منها بأزمة المياه في جدة، فجل التصريحات التي أدلى بها المسؤولون في هذه القضية كانت كمن يزيد الطين بلة، وآخر هذه التصريحات التي يصعب قبولها ما صرح به مدير مديرية المياه بجدة المهندس عبد الرحمن المحمدي لصحيفة «المدينة» عدد الخميس 26/10/2006 حيث قال: «أقر عدد من الخبراء المحايدين، الذين تم توكيلهم من قبل مديرية المياه لتقييم عدالة توزيع المياة بجدة في الأحياء بعدالة التوزيع وكميات الضخ التي تم اعتمادها حسب الكثافة السكانية الحالية داخل جدة بعد أن قاموا بعمل مسح ميداني»، وأضاف قائلا: «إن الدراسة التي تم الانتهاء من صياغتها تمهيدا لرفعها أقرت بعدالة التوزيع بين الأحياء حسب الكميات المتواجدة في الوقت الحالي».

وكم تمنيت أن يقول لنا المهندس المحمدي من هم هؤلاء الخبراء المحايدين الذين تم توكيلهم من قبل مديرية المياه لتقييم عدالة توزيع المياه بجدة بين الأحياء، فلو كان ما ذكره «الخبراء المحايدون» عن عدالة توزيع المياه بجدة صحيحا فلتعلن مديرية المياه في هذه المدينة جداول توزيع الماء على أحياء البلدة حسب أيام الأسبوع أو الشهر أو السنة، وأنا على ثقة بأنهم سوف يسمعون من سكان بعض تلك الأحياء بأن هذه الجداول لا وجود لها على أرض الواقع، وأن شريحة من السكان لا تحصل على حصصها من الماء إلا عبر «الوايتات» ووجع القلب بينما تنعم مناطق أخرى بتدفقات المياه وانتظام وصولها.

ولم يكتف المهندس المحمدي بما صرح به لصحيفة «المدينة» إذ نشر له في نفس اليوم تصريحا آخر في صحيفة أخرى هي «عكاظ» لمح فيه ـ حسب تعبير الصحيفة ـ بأن كمية المياه التي تضخ عبر الشبكة الرئيسية إلى الأحياء وفق الجدولة هي 680 ألف متر مكعب يوميا بعد زيادة الكمية الإضافية من المخزون الاستراتيجي وذلك حتى يتم إشباع الأحياء مع زيادة ساعات الضخ مقارنة بأيام الانقطاع.. والحقيقة فقد أعجبتني عبارة «إشباع الأحياء!!»، وكم تمنيت ومعي الكثيرون أن ننتقل من بيوتنا وأحيائنا إلى تلك الأحياء التي «تشبعها» مديرية المياه في جدة، فلقد جفت حلوقنا من كثرة الكلام وقلة الماء، وحسبنا الله.

[email protected]