هيئة البيعة.. ومأسسة الملكية السعودية

TT

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن أهمية مأسسة الانظمة الملكية في دول الخليج العربية. فالتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده هذه الدول ادى الى وعي سياسي لدى المواطن فيها، وهذا الوعي جعل من شأن الاسر الخليجية الحاكمة شأنا وطنيا عاما، ذلك ان الاسر الحاكمة في دول الخليج هي المحور الاساسي للوحدة الوطنية، وهي صمام الأمان للاستقرار السياسي.

في الدول النامية بشكل عام ـ ومنها دول الخليج العربي ـ يبقى استقرار الدولة مرتبطا بتماسك النظام الحاكم فيها وكثيرا ما تنهار الدولة او تمر في حالة من عدم الاستقرار حينما يسقط النظام الحاكم فيها او يتعرض لضعف ملموس وحالات العراق ولبنان والصومال وافغانستان وغيرها من الدول المرشحة للمرور في نفق عدم الاستقرار تمثل حالات عديدة للعلاقة بين بقاء الدولة وتماسك النظام الحاكم فيها.

لقد أدت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول الخليج العربية وما افرزته من وعي سياسي لدى المواطن الى زيادة اهمية المأسسة السياسية لانظمة الحكم فيها، ويأتي في مقدمة ذلك ترتيب آلية انتقال السلطة في البيت الحاكم في هذه الدول، وذلك كخطوة اولى لا بد منها للمباشرة في مشروع التحديث السياسي في الدولة وللاستجابة للتحديات الاقليمية والدولية. وتزداد اهمية مأسسة النظام الحاكم في الدول ذات الاسر الحاكمة الممتدة (مثل اسرة آل سعود) او ما يسميه استاذ علم السياسة (مايكل ف. هيرب) بالملكيات العائلية تميزا لها عن الملكيات الفردية. فهذه الملكيات الممتدة تتميز بأنها ذات جذور راسخة في المجتمع الذي تحكمه وتعمل بشكل جماعي وتهيمن على وزارات السيادة في الحكومة، وتسعى لحل مشاكلها العائلية ضمن نطاق الاسرة وبعيدا عن تأثير السياسات المحلية والاقليمية والدولية. وهذه السمات للملكيات الممتدة وفرت لها المرونة والشرعية اللازمة التي مكنتها من البقاء وأخذ المبادرة في الاصلاح والتنمية، بيد ان الاستفادة من هذه العناصر الايجابية في الملكيات الممتدة تتطلب مأسسة هذه الملكيات وتحويلها من النمط التقليدي في توارث الحكم الى النمط المؤسسي حتى لا تتحول عناصر القوة فيها الى عناصر ضعف نظرا لكبر حجمها وتنوع رؤى افرادها وهذا يتطلب ادارة سياسية جيدة تضمن بقاء النظام، وتوفر له القدرة على الاستجابة للتحديات الداخلية والاقليمية والدولية.

والمأسسة تعني ـ كما يعرفها أحد منظري المنهج المؤسسي (هنتنغتن) ـ بأنها عملية ينال من خلال التنظيم (هيئة البيعة) وآليات العمل فيه قيمة سياسية واستقرارا في الاداء الوظيفي ولكي ينال التنظيم هذه القيمة وهذا الاستقرار لا بد ان يستجيب لعدد من التحديات المستقبلية المحتملة. لقد جاء صدور نظام هيئة البيعة ليجسد أول خطوة سياسية جريئة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بعد توليه الحكم، بعد الخطوات الجريئة الاخرى في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. فقد كان وما يزال الملك عبد الله مسكونا بهاجس الاستقرار السياسي في بلاده، ومؤمنا بأن التحديث السياسي يمثل ركنا هاما في التنمية الوطنية، وان مأسسة تداول الحكم بين ابناء واحفاد المؤسس الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ هي خير وفاء له، وضمان لتماسك الاسرة الحاكمة، وأفضل وسيلة لاستقرار المجتمع وتنميته. وتكمن أهمية صدور نظام هيئة البيعة وقيمته السياسية في التنمية الوطنية في انه يجسد أكثر من مضمون سياسي في مجتمع الدولة السعودية، ومن هذه المضامين:

ـ أن لدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله من الشجاعة والإرادة السياسية ما يمكنه من التعامل مع التحديات القوية، والاجابة عن الاسئلة الصعبة التي تطفو في الساحة الوطنية.

ـ استمرار ديناميكية الاصلاح في مجتمع الدولة السعودية في كافة الجوانب بما في ذلك الجانب الأكثر حساسية وهو الاصلاح السياسي في منظومة الاسرة الحاكمة.

ـ طمأنة الشعب السعودي على مستقبله السياسي، وذلك من خلال تحديد آلية لتداول الحكم من جانب، وترشيد الخيار في القيادة السياسية من جانب آخر.

ـ تعزيز المفهوم المؤسسي والحد من الفردية في صناعة القرار السياسي في الدولة.

ـ التأكيد على أهمية الأخذ بالرأي الجماعي في مدخلات القرار، وهذا ما نادى به أبو الفكر السياسي الواقعي (أرسطو)، حيث يرى ان الحكمة الجماعية أسمى من حكمة العقل وأفضل المشرعين.

ـ تأهيل ابناء الأسرة الحاكمة من الجيل الثاني للعمل الجماعي في صناعة القرار السياسي، وصقل قدراتهم الشخصية والسياسية، وتعريفهم بتطلعات المواطن، ومتطلبات الوطن، والتحديات التي قد تفرزها المستجدات السياسية الاقليمية والدولية كونهم يمثلون الاحتياطي الاستراتيجي للأسرة المالكة في القيادة السياسية.

ـ مزج ثقافة وخبرة الجيل الحالي (الأول) من أبناء المؤسس مع ثقافة وتطلعات الجيل الجديد (الثاني)، وبذلك تتفاعل خبرة ومعرفة الجيل الاول مع تطلعات وثقافة الجيل الثاني فيحدث ذلك التلاقح في المفاهيم الذي يربط الحاضر بالمستقبل، وتقاليد الحكم بالمأسسة.

ـ يؤسس نظام هيئة البيعة للمستقبل أكثر من الحاضر، فالنظام لا ينطبق على الملك الحالي ولا على ولي عهده، لذا فهو نظام ذو منظور مستقبلي ويعكس بعد نظر سياسي لدى خادم الحرمين الشريفين، وفهماً استشرافياً لطبيعة وبيئة المستقبل وما قد تحمله من مضامين معلومة أو مجهولة.

ـ سيوجد نظام هيئة البيعة حراكا سياسيا داخل بيت الاسرة المالكة السعودية، وهذا بدوره سيدفع أبناء الاسرة الحاكمة من الجيل الثاني نحو الحراك السياسي في مجتمع الدولة السعودية، وفي ذلك خير للوطن والمواطن، إذ انه سوف يجسر أي فجوة قد تظهر بين القيادة والشعب.

ـ دفع صدور نظام هيئة البيعة نخب المجتمع السعودي الى الاهتمام أكثر وأكثر بشأن الاسرة الحاكمة وهذا ما يعزز من الشرعية التاريخية للأسرة فقد أصبح المواطن مهتماً بشأن الأسرة ككل خصوصا من سيدخل هيئة البيعة من الجيل الثاني، ذلك أن قرار تداول الحكم أصبح قرارا جماعيا، ولكل عضو في هيئة البيعة دور في مدخلاته.

ـ أخيرا فإن هذه الخطوة الاصلاحية جاءت في وقت تتمتع فيه الأسرة الحاكمة السعودية بالقوة الشرعية والسياسية، ودائما الاصلاح المؤسسي المفيد للوطن والمواطن، هو الاصلاح الذي يأتي في وقت قوة النظام الحاكم وليس في وقت ضعفه، ذلك أن أي اصلاح سياسي يأتي في لحظة ضعف النظام سيفهم على انه تنازل سياسي من النظام الحاكم للمطالب الشعبية أو لقوى المعارضة السياسية، وفتح باب التنازلات السياسية يمثل تهديدا لسلطة وهيبة النظام وكيان الدولة. ولقد أبدع الكاتب والمفكر الايراني (إحسان نراغي) في توضيح أهمية توقيت الاصلاح السياسي على تماسك النظام السياسي وبقائه.

ولتفعيل المضامين السياسية السابقة لنظام هيئة البيعة فإن الامر يتطلب سرعة اصدار الامر الملكي بتعيين اعضاء هيئة البيعة وتعريف المجتمع بهم، وتعزيز مفهوم وظيفة التداول فيما بينهم، وتعريف ـ من لا يعرف منهم ـ بواقع حال الوطن والمواطن بشكل موضوعي، وتزويدهم بنظرة استشرافية للمستقبل الذي ينتظرهم. ان نظام هيئة البيعة يجب الا يفهم على انه نظام جاء ليتعامل فقط مع لحظات معينة هي لحظات البيعة وتعيين ولي العهد، بل يجب ان ينظر اليه على انه مشروع لتأسيس مدرسة سياسية يتعلم فيها الجيل الثاني من الجيل الاول من أبناء المؤسس، وتشيد فيها جسور التفاهم بين أعضاء الهيئة، وتتبلور فيها القيم والمفاهيم السياسية المشتركة التي تتيح للأسرة أداء دورها التاريخي في الحاضر والمستقبل.

وبعد هذا الاستعراض لاهمية مأسسة تداول الحكم في المملكة، وللمضامين السياسية التي تضمنتها نظام هيئة البيعة، نلقي الضوء، بشيء من الايجاز، على بعض مواد النظام خصوصا تلك المواد التي اعطت نظام هيئة البيعة صفة النقلة النوعية في مسار التنمية السياسية. تحدد المادة (1) من نظام هيئة البيعة اول نقلة نوعية في مضمون النظام، إذ دعت الى تشكيل هيئة البيعة تشمل في عضويتها ابناء الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ او ابناء الابناء في حالات معينة، بالاضافة الى اثنين يعينهم الملك، احدهما من ابنائه والآخر من ابناء ولي العهد. وقد حددت هذه المادة الأولية والآلية لعضوية الهيئة مما اعطى الهيئة البعد المؤسسي المطلوب. كما ان هذه المادة نقلت اسلوب تداول الحكم بين افراد الاسرة المالكة من حال الى حال، من القرار الفردي الى القرار الجماعي وما يعنيه من توسع لقاعدة المشاركة في صنع القرار، ومن الصيغة التقليدية للبيعة الى الصيغة المؤسساتية وما تعنيه من تحديث في إدارة الحكم.

اما المادة (6) من نظام هيئة البيعة فقد ازالت بعض التساؤلات عن من يأخذ المبادرة في الدعوة الى البيعة. ان اخذ المبادرة في البيعة له مضمون سياسي كبير وإذا كان الغموض في اخذ المبادرة في البيعة مقبولا في مرحلة تاريخية معينة، فقد يصبح مصدر خلاف وتأزم في مرحلة لاحقة، لذا جاءت المادة (6) من نظام هيئة البيعة لتنهي هذا الغموض وتضع مسؤولية الدعوة للبيعة بيد هيئة البيعة حيث نصت المادة على انه «عند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة الى مبايعة ولي العهد ملكا على البلاد». لذا اضفت هذه المادة على آلية تداول الحكم بالمملكة بعدا مؤسسيا يساهم في توفير آلية سلسة وبيئة ايجابية لانتقال الحكم وتعزيز الاستقرار في المرحلة الانتقالية.

اما المادة (7) من نظام هيئة البيعة فقد جاءت تعديلا للفقرة (ج) من المادة (5) من النظام الأساسي للحكم والتي تنص على ان «يختار الملك ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي». وذلك نظرا لما يحمله الاختيار او الاعفاء من مضامين سياسية قد تؤثر على تماسك الأسرة الحاكمة وعلى الاستقرار السياسي في البلاد. لذا جاءت المادة (7) من نظام هيئة البيعة لتستجيب لمتطلبات التحديث في تداول الحكم وتقر آلية جديدة توسع من قاعدة المشاركة في الاختيار وتضع الأساس لمنهج مؤسسي يحقق اقصى قدر ممكن من ترشيد قرار اختيار ولي العهد. وبموجب الاجراء الجديد ـ كما نصت عليه المادة (7) من نظام هيئة البيعة ـ فان الملك بعد مبايعته وبحكم ما يملكه من سلطات له الحق، بعد التشاور مع اعضاء الهيئة، في اختيار من يراه الاصلح من ابناء المؤسس او ابناء الابناء لولاية العهد، كما انه له الحق كذلك في ان يطلب من هيئة البيعة ترشيح من تراه لولاية العهد، بيد ان اختيار الملك لمن يراه لولاية العهد ليس نهائيا بل يجب ان يحصل على موافقة هيئة البيعة، وفي حالة عدم ترشيح هيئة البيعة لخيار الملك لولاية العهد، ترشح الهيئة من تراه لولاية العهد، بيد ان من حق الملك الاعتراض على مرشح الهيئة وفي حالة الوصول الى وضع عدم الاتفاق بين الملك وهيئة البيعة على مرشح ولاية العهد يتم اللجوء الى التصويت في هيئة البيعة لحسم الأمر والاختيار بين من اختاره الملك ومن رشحته هيئة البيعة، ويتم تسمية من ينال اكثر الاصوات وليا للعهد. وقد حددت المادة (9) من نظام هيئة البيعة مدة لا تزيد عن الثلاثين يوماً من تاريخ مبايعة الملك لحسم اختيار ولي العهد حتى لا تكون عملية الاختيار مصدراً للتساؤلات والإشاعات التي قد تؤثر على الاستقرار. ولا شك إن ما ورد في المادة (7) من نظام هيئة البيعة يمثل نقلة نوعية كبرى في تداول الحكم السعودي، وهذه النقلة تجسد حنكة وحكمة القيادة في المملكة والتي رسخت مفهوم العمل المؤسسي وما يرسيه من قواعد تنظيمية، وتماسك للأسرة الحاكمة. وسوف يقدر الشعب السعودي بكافة أطيافه لقيادته بعد نظرها ورغبتها في الإصلاح وإضفاء أكبر قدر من الشرعية على القرارات التاريخية التي تؤثر في حاضر ومستقبل الوطن والمواطن.

وتتصدى المادة (10) من نظام هيئة البيعة لأي فراغ قد ينشأ في إدارة شؤون الدولة نتيجة لظرف طارئ يحل بالملك وولي عهده في وقت واحد حيث تنص على أن «تشكل الهيئة مجلساً مؤقتاً للحكم من خمسة من «أعضائها» يتولى ادارة شؤون الدولة بصفة مؤقتة في الحالات المنصوص عليها في نظام الهيئة. وهذا النص سيوفر مزيداً من الطمأنينة والاستقرار في نفوس المواطنين حيث إن اسوأ الحالات التي تواجه كثيراً من الدول النامية تتمثل بظهور فراغ سياسي ناتج عن غياب مفاجئ للقيادة السياسية العليا في ظل ضعف في البناء المؤسسي في الدولة. وحصرت المادة (10) مسؤولية المجلس المؤقت للحكم بسد الفراغ المؤقت في إدارة شؤون الدولة دون أن يكون له أي صلاحية بتعديل الأنظمة ذات الصلة بالشأن الوطني العام.

وتتناول المواد (11 ـ 14) آلية التعامل مع الملك متى ما توفر قناعة لدى هيئة البيعة بعدم قدرته على ممارسة سلطاته لأسباب صحية، حيث تقوم الهيئة بتكليف لجنة طبية من عدد من الجهات الحكومية لاعداد تقرير طبي عن حالة الملك الصحية. وإذا اثبت التقرير الطبي أن عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته يعد حالة مؤقتة تنقل سلطات الملك بصفة مؤقتة إلى ولي العهد لحين شفاء الملك. أما إذا أثبت التقرير الطبي أن عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته يعد حالة دائمة، فعندئذ تدعو هيئة البيعة لمبايعة ولي العهد ملكاً على البلاد. وفي حالة توفر القناعة لدى الهيئة من خلال التقارير الطبية أن عدم قدرة الملك وولي عهده على ممارسة سلطاتهما لأسباب صحية يعد حالة مؤقتة يتولى المجلس المؤقت للحكم ادارة شؤون الدولة لحين شفاء أي منهما، أما إذا أثبتت التقارير الطبية ان عدم قدرتهما على ممارسة سلطاتهما تعد حالة دائمة عندئذ يتولى المجلس المؤقت للحكم إدارة شؤون الدولة لحين قيام هيئة البيعة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام باختيار الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسس وأبناء الأبناء، والدعوة إلى مبايعته ملكاً على البلاد. وهذه المواد الأربع تزيل أي غموض أو شك حول حالة الملك الصحية وحالة ولي عهده وقدرتهما على إدارة شؤون الدولة. فالمرجعية بموجب هذا النظام هو هيئة البيعة والهيئة بدورها تعتمد على تقارير طبية تعدها لجنة خاصة ومتخصصة ومستقلة، وهذا ما يعطي تقارير اللجنة مصداقية، وقرارات هيئة البيعة شرعية. لقد جسدت هذه المواد شفافية غير مسبوقة في تحديد الوضع الصحي للملك وولي عهده، وفي كيفية التعامل مع ما ينشأ من فراغ سياسي طارئ في قيادة الدولة. أما المواد (20 ـ 21) فتتضمنان مفاهيم جديدة وغير مألوفة من قبل في أدبيات الحكم السعودي. ومن هذه المفاهيم مفهوم الأغلبية في التصويت (م 20) ومفهوم السرية في الاقتراع (م 22). إن مفهوم الأغلبية سيعطي قرارات هيئة البيعة الشرعية السياسية اللازمة، في حين أن مفهوم السرية سيعطي المصداقية لقرارات الهيئة. إن إدراج هذه المفاهيم العصرية في نظام هيئة البيعة يعطي مؤشراً على قدرة القيادة السعودية على التكيف مع مستجدات التنمية السياسية وتقبل الجديد في قاموس السياسة طالما أن هذا الجديد لا يتعارض مع ثوابت الحكومة والشعب الدينية ويخدم المصلحة الوطنية.

وفي الختام فقد تناولنا في هذا الاستعراض الموجز بعضا من مواد نظام هيئة البيعة خصوصا تلك المواد التي نرى أنها أعطت نظام هيئة البيعة صفة النقلة النوعية في مسار التنمية السياسية، وصفة المؤسسة السياسية في منتظم الدولة السعودية. إن المواطنين في المملكة ينتظرون تفعيل نظام هيئة البيعة، وجعله مرتكزاً جديدا لانطلاقة جديدة في مسيرة الإصلاح السياسي في المملكة، لتكمل هذه الانطلاقة الجديدة ما تم انجازه بالفعل من انجازات سياسية سابقة. إن ديناميكية التجديد في المجتمع السعودي، وتطلعات المواطن، والغيرة على الدين والوطن تدفعنا لمناشدة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بأن يكون صدور نظام هيئة البيعة بداية لتأسيس سياسي جديد في المملكة يستجيب لكافة التحديات المحتملة داخلياً، وإقليمياً، ودولياً بغية الحفاظ على كيان الدولة السعودية، وتحقق الرفاه لشعبها، وحماية حقوق الإنسان فيها، وترسيخ موقعها في المكان الذي يليق بها في منظومة الأمم المتحضرة.

* أكاديمي سعودي وعضو مجلس الشورى