إذا جيت رايح كتر الفضايح

TT

أتذكر قبل عدة سنوات عندما كنت في ملاهي (دزني لاند)، ولا أدري إلى الآن لماذا أنا ذهبت إلى تلك الملاهي أصلاً؟!، ولكني اعتقد أن هناك احتمال أنني ذهبت إلى هناك من أجل أن (العّب نفسي)، وفعلاً لعبتها كثيراً وجيداً إلى درجة أن العرق تصبب من جبيني من دون أن أدري، غير أن الحكاية ليست هنا، ولكنها في رجل وامرأة كانا يسيران أمامي، الرجل والمرأة عربيان مكتملا النضوج والوزن بعكسي أنا تماماً، وعندما هممت بالخروج، وبينما كل واحد منهما يشبك يده حول خصر الآخر الغليظ، مرا بجانب طفل يبكي ويرفس بأقدامه في الأرض، فقال الرجل للمرأة بضيق وتبرم وانزعاج، وهو يعني ما يقول: قال: إنني والله مستغرب، لماذا يحضر الناس أطفالا لمثل هذا المكان؟! عندما سمعت هذا الكلام، تلفت إلى نفسي متأملا ثم قلت: الحمد لله إنني لست طفلا.

***

اكتشفت متأخراً، وقبل خمسة أيام تحديداً أن من يقول لك: أن هذا سؤال جيد، فأعلم أن ذلك السؤال الذي تطرحه، إنما هو أفضل بمراحل من ذلك الجواب الذي يجيبك هو عليه.

مشكلتي التي تلازمني في كل مجلس أو لقاء عام هي أنني أطرح الكثير من الأسئلة بعضها من أجل أن أعرف واستفيد فعلا، والكثير من أسئلتي ما هي إلاّ (بالونات اختبار) أجس بها النبض وأتفرج وأتغنج.

غير أنني أحياناً أو قليلا أو نادراً ما أدخل في حلبة نقاش أو صراع، وإذا دخلت فغالباً ما أخرج منها مهزوماً بـ (99%)، إما بالضربة القاضية، وإما لأن حجتي ضعيفة، أو لأن منطقي سفيه أحياناً، أو لأن صوتي يشبه طنين (البعوضة) عندما لا أجد كوب ماء اشربه، وإذا وجدته وشربت يتحول صوتي إلى زئير أسد بدون أي حبال صوتية، وكثيراً ما لمت نفسي واتيتها وعاهدتها ألا أعود لمثل تلك المناقشات والتحديات، غير انني للأسف لا أتوب، (فمراهقتي الفكرية) تأبى ألا تفارقني مهما لبست تصنعاً من ثياب الوقار والحكمة.

وهذا هو بالضبط ما حصل لي في ذلك المجلس قبل خمسة أيام، وكنت طوال الوقت (ربي هاديني) وكنت في منتهى الرزانة مقتعداً كرسياً وثيراً (لا شغلة ولا مشغلة) لي غير إطلاق صواريخ (الكاتيوشا) من الأسئلة على كل من هب ودب من الحاضرين، والجميع كانوا سعداء بأجوبتهم وكأنهم متحدرون من سلالة (سقراط).

غير أن رزانتي كالعادة لا تخرج في النهاية بسلام، وإنما لا بد وأن يشوبها في النهاية شيء من (الفضيحة)، وكأنني معجب بالمثل القائل: (إذا جيت رايح كتر الفضايح).. وهذا هو ما حصل لي فعلاً عندما (نزغني) ابليس وتورطت بالنقاش مع أحد أحفاد (سقراط)، وعندما عجز عن كباح أو لجام لساني السليط (الحورّجي)، ما كان منه إلاّ أن يسألني سؤالاً أفحمني وجعلني (انخ)، وذلك عندما قالي لي: بما انك لست طرفاً في المشكلة، فما رأيك في الجنس البشري؟!

[email protected]