اتعب اتعب.. فلن تموت!

TT

ليس التعب هو الذي يقصف العمر وانما هو الارهاق! فمن المعروف ان الذي يعمل بانتظام يمرض قليلا، لأن العمل المنظم هو في نفس الوقت راحة منظمة، واذا كان هناك نظام في العمل وفي الراحة من العمل فإن كل وظائف الجسم الانساني تصبح منظمة أيضا..

وعمليات الهدم والبناء والطاقة وتبديدها واكتسابها وادخارها كلها عمليات منظمة.. وقد لوحظ ان الذين يعيشون طويلا هم الذين يعملون دائما وأعمالهم منظمة.. لا يهم نوع العمل.. فقد يكون طويل العمر فيلسوفا أو يكون شحاذا أو فلاحا أو حدادا!

وربما كان ذلك أحد الأسباب في أن عمر المرأة أطول من عمر الرجل.. فحياتها اكثر انتظاما! أما الذين تنطفئ أعمارهم فجأة أو بسرعة.. فهم كالمصابيح التي لها مشاعل كبيرة متوهجة.. تحترق بسرعة وتتلاشى.. فقد استنفدت كل طاقتها في أقصر وقت، وأن أعمار هؤلاء الناس كأعمار الصواريخ وليست كأعمار الشموع أو الفوانيس.

ومن أمثلة الإرهاق: أن يعمل الإنسان أسبوعا متواصلا بلا راحة، وبعد ذلك يحاول ان يستريح وأثناء الراحة يعمل أيضا.. ويتضاعف تعبه ويعجز عن العمل مرة أخرى، ويحاول أن يستأنف نشاطه غير العادي.. وقد يستعين على النشاط بحبوب منشطة او بالمنبهات.. أي باستخدام كرابيج من نار يضرب بها أعصابه ويكون هو العربجي والحصان والكرباج. ولا بد بعد ذلك من ان يتساقط الثلاثة معا.. مرة بعد مرة!

في عصور الرومانسية في أوروبا كان الشعراء والشبان يموتون في سن مبكرة.. في العشرينات وفي الثلاثينات.. وكان شعارهم: إن الذي تحبه الآلهة يموت شابا!

وكان هؤلاء الشبان يسرفون في السهر وفي الجوع.. ولا يعالجون أنفسهم اذا مرضوا، لأن النحافة دليل على رفاهة الحس ورهافة الحس دليل على القدرة على الحب.. والمحب شاعر بطبعه والشاعر هو القادر على أن يحب المرأة، وتحبه المرأة.. فمات مئات الألوف من الشبان لكي تحبهم المرأة.. وعاشت المرأة عمرها الطويل لأنها تتعب وتستريح ولأنهم يتعبون ولا يستريحون الا بالموت!