حجاب أم نقاب؟

TT

الحديث لا يزال محتدما بشأن التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو، المتعلقة بالنقاب الذي يغطي وجه المرأة، وكيف أنه «عامل تفرقة» في المجتمع. وطبعا معروف كم أثار هذا التصريح ولا يزال، العديد من ردود الفعل المتباينة. لكن هذا التصريح ليس الأول من نوعه لجاك سترو في هذا الموضوع، أي المرأة والاسلام. فلقد قال في العام 1990، في تعليق له على طلب الجاليات الاسلامية، فتح مدارس خاصة بها، وبصفته المتحدث الرسمي لشؤون التعليم بحزب العمال، قال وقتها: «إن الذين يعترضون على اقامة هذه المدارس يخطئون، وربما غلبتهم نزعة عنصرية».

وفي مؤتمر عقد في لندن بعد ذلك، عن مستقبل التعليم الاسلامي، قال فيه: «إن نظرة المجتمع الاسلامي للمرأة، يجب أن تدرس دراسة عميقة، وأن ينظر الى الأصول. لقد سمعت مزاعم كثيرة بأن الاسلام ضد المرأة، ويعتمد أصحاب هذه المزاعم على عدم وجود نساء، يشتغلون بالدعوة الدينية أو يلقين دروسا بالمساجد. هناك جهل شبه تام بدور المرأة في الاسلامي، وفي تاريخ الاسلام نفسه. وعند التأمل نرى وضع المرأة المسلمة أهم من وضع المرأة اليهودية أو النصرانية في الأيام الماضية. والنبي محمد أعطى النساء حق الميراث قبل أن تفعل ذلك الحكومة البريطانية بثلاثة عشر قرنا». وحديث سترو عن النقاب والجدل فيه ليس بجديد على الساحة الاسلامية نفسها. ففي الأيام القليلة الماضية أبانت الدكتورة سعاد صالح، وهي المرأة الازهرية الفقيهة أن النقاب ليس له أصل في الاسلام، وأنه يهين المرأة، فما كان من أحد أعضاء مجلس الشعب المصري المعروفين بتشددهم وتعصبهم، إلا ان صرح بهدر دمها، واقامة دعوى حسبة ضدها. وهناك المئات من الآراء التي تتفق مع ما قالت الدكتورة سعاد صالح، بأن كشف الوجة جائز، ولكن الاشكالية أنه داخل العالم الاسلامي نفسه هناك حالة من الغضب والتشدد والتمسك بالرأي الواحد ولعلماء «محددين»، وكأنهم ناد نخبوي، وتضعف الاحاديث والفتاوى التي توضح جواز الرأي الآخر، ويصبح بالتالي غطاء الوجه هو الحلال الوحيد.

ولقد كان لافتا ومضحكا التعاطف والتنديد الذي حدث مع القرار الفرنسي بمنع ارتداء الحجاب في المدارس العامة بفرنسا، والذين قاموا بالاعتراض على القرار الفرنسي لم يقوموا بالاعتراض على المسلمات الفرنسيات اللاتي كن كاشفات وجوههن. ويبدو أن عنتريات غطاء الوجه والتأكيد على أن غيره لا يجوز هو فقط للاستهلاك المحلي البحت. حال التطرف والغضب الموجودة في أكثر من مسألة في العالم الاسلامي، الذي يوتر النفوس ويضعف الحجج، هو التحدي وليس تعليق مسؤول بريطاني أو قرار حكومة فرنسية. وحال الرضا والصمت عن فجاجة التعاطي مع المخالفات في الرأي والبعد عن التطلع للعناصر الجامعة للرأي الاسلامي، سيبقي هذه البقعة من العالم في وضع دائم التشنج. الدين الاسلامي ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام كرما المرأة وأعزاها، يبقى الاعتراف بأن عدداً غير بسيط من رجال الدين أساءوا لها بشكل غير مقبول.