الانتخابات الأميركية.. وماذا عنا نحن؟

TT

قال الناخب الأميركي كلمته، وفق مصالحه، وأسقط الجمهوريين بالضربة القاضية، والخسارة تستحق هذا التوصيف. وفرض الديموقراطيون سيطرتهم على الكونغرس بعد غياب طال قرابة اثني عشر عاما. أيا كانت الأسباب فإن الأميركيين استطاعوا التغيير واثبتوا أن السيطرة السياسية لحزب ما على البلاد فعل غائب !

لكن ماذا عنا نحن ؟ حيث نشاهد الانتخابات الاميركية في الوقت الذي لا نشاهد فيه حولنا إلا المجازر الإسرائيلية؟ سأتحدث هنا بكل صراحة! فالفلسطينيون ضحايا ساستهم بقدر ما أنهم ضحايا الغطرسة والإجرام الإسرائيلي. الرئيس محمود عباس في حديثه لصحيفتنا يقول ناصحا حماس «اعطني شوية مرونة وضبابية ونام عليها، عندئذ نستطيع التحرك»!

وحماس بدورها تناور، وتريد التنصل من كل الاستحقاقات حاملة السلَّم بالعرض على الرغم من معاناة شعبها، وإلا ما معنى قول إسماعيل هنية لصحيفتنا حول المبادرة العربية «هذا الأمر لم يعد مطروحاً، حماس تشدد على احترام قرارات الشرعية الدولية والشرعية العربية ومقررات القمم العربية» في الوقت الذي لا تريد فيه تحمل مسؤولياتها !

ويبدو أن هذه هي نظرية المرونة والضبابية والنوم! الساسة الفلسطينيون مدانون بحق، لأننا نتجاهل أن الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني قد وقع مرارا على الرغم من الجرائم الإسرائيلية!

أما الإسرائيليون فيعجز اللسان عن وصف جرائمهم وتعنتهم، لكن أين الدور الأميركي في كل ذلك؟ على واشنطن مسؤوليات لا يلغيها تعنت حماس، ومن يقفون خلفها، ولا يلغيها عدم الوفاء بالوعود، كما يقول الأميركيون. مشكلة أميركا أنها تلخص التقدم والتطور في العالم العربي بالانتخابات، وها نحن أمام حماس المنتخبة، والإخوان المسلمين المنتخبين، وحكومة العراق المنتخبة، وفي نفس الوقت تطالب الشعوب بتحمل المسؤولية وحدها. وقد يقول قائل: وما المطلوب؟ وهنا نقول إن المطلوب أن تتصدى واشنطن لتقديم حلول فاعلة، حيث أنها الوحيدة القادرة على ذلك. واشنطن قادرة على فك الارتباط غير الشرعي بقضية فلسطين بمعالجة كثير من الملفات العالقة. خذ أبسط، وأعقد، الأمثلة، فمعالجة ملف لبنان العالق مع سوريا مفتاحه مزارع شبعا. وفك الارتباط السوري الإيراني من ملف فلسطين ومن بعضهما البعض يتطلب حل الجولان، وقبل هذا وذاك تحقيق دولتين فلسطينية وإسرائيلية على ارض الواقع، لإنهاء المزايدة على القضية الفلسطينية.

وقادرة على فك ارتباط العراق من إيران حين تقوم بحلول عملية واقعية في العراق، تبدأ بإعادة الجيش والشرطة، المحلولين، وتركز على استتباب الأمن، وبناء المؤسسات أكثر من فكرة الانتخابات.

قد تبدو المسألة تبسيطا مُخلا، لكن المذهل أن واشنطن وحدها القادرة على تقديم الحلول، لو غلبت مصالحها بعيدة المدى، لا المصالح الوقتية. المشكلة أن الأميركيين يعتقدون أن النجاح في عالمنا العربي هو في تنظيم الانتخابات، والحقيقة أن هذا تبسيط، فالصوت أهم من التصويت. لا بد من حلول جذرية لنشارك الأميركيين نفس الفرحة ونحن نشاهد الانتخابات في عالمنا العربي، بدلا من مشاهدة الحروب، وإطلاق المدافع على النساء، والأطفال!

دعونا نأمل أن استقالة رامسفيلد هي بداية التصحيح.

[email protected]