لبنان.. أو ليست للمنتصر حقوق ؟

TT

نحن على مشارف أزمة لبنانية جديدة، ويبدو أن لبنان لا يعيش بلا أزمات ! فحزب الله وحركة أمل يريدان إسقاط الحكومة، وإنْ كلفّ الأمر النزول إلى الشارع، وبالفعل بدأ الطرفان رحلة إسقاطها، باستقالة أعضاء حزب الله وأمل. وعطفاً على ذلك بدأنا نسمع عن الدور السوري والإيراني في الأزمة، ولا شك أنهما من أبرز اللاعبين.

لكن ليست تلك كل المشكلة. فبعد حرب الثلاثة والثلاثين يوما التي شنتها إسرائيل على حزب الله، ووقع لبنان كله ضحيتها، تم إظهار حزب الله على انه الطرف المنتصر، ويومها تساءلنا وغيرنا عن مفهوم الانتصار، وكيف يقال للمنتصر إنه منتصر، وللمهزوم إنه مهزوم، فتم فحص دمنا العربي مثلما يقول رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة.

وبالتالي ما يريده حزب الله اليوم من تشكيل للحكومة، وأخذ قوة، ودور أكبر فيها، الدافع الحقيقي خلفه هو قناعة الحزب بأنه الطرف المنتصر، وله حق الحصول على الغنائم. هكذا يشعر، وهكذا تم تصويره من جميع الأطراف اللبنانية، ومن عرب الميكرفونات، إما عن قناعة، أو مداهنة للشارع الذي يريد نصر الله الاحتكام له اليوم. وعلى ذلك فلا يعقل أن تقر لحزب الله بالانتصار أمس، وتريد أن تحجمه اليوم، وتفرض عليه شروطا. وهذه هي أزمة العالم العربي برمته، فمن يقدم على مغامرة غير محسوبة العواقب، لا يجد من يقف في وجهه ليقول له: مثل ما عقّدتها حلها، أو ادفع الثمن، بل ان من قالوا لحزب الله ذلك هم منْ دفع الثمن بحملات التشكيك والمزايدة. هل نبرئ سورية وإيران، بالطبع لا! لكن على الساسة اللبنانيين أيضا أن يتحملوا مسؤولياتهم، فهم جزء من أزمة لبنان، ولو اختلفت أشكالها وأسبابها، فمثلما أن لا وطن بلا أرض، فقد انتهى الوضع إلى أنه لا سياسيَ لبنانياً بلا مظلة خارجية!

فقط تأملوا حديث الرئيس اللبناني إميل لحود عن عدم مشروعية الحكومة الحالية، وهو الرجل الذي بسببه انتهكت حرمة الدستور، ومن هناك انطلقت أزمة لبنان الحالية، وقتل من قتل، وخسر لبنان ما خسر. لحود هو الرئيس الذي خرج إبان حرب الثلاثة والثلاثين يوما يدافع عن حزب الله بالانتقاص من الجيش اللبناني، وهو القائد السابق للجيش، والقائد الأعلى اليوم. تأملوا كلامه عن جيش بلاده اثناء الحرب، وقارنوه بالنكتة التي قالها جون كيري عن الجيش الأميركي إبان الانتخابات الأخيرة والتي كلفته الانسحاب من الانتخابات، بينما لا يزال لحود يلقي الدروس، رغم التجاوز على الدستور، والجيش!

لذا بات علينا أن نتعلم درسا جديدا، وما أكثر الدروس، وما أقل ما تعلمنا، انه من الصعب أن يتم التطبيل لانتصار حزب الله الوهمي، وتتم مساءلته اليوم، أو تحجيمه. فمن لا يفك العقدة الأولى يجد نفسه رهينة ما يأتي على أثرها من عقد، وهذا حال لبنان، وحال عالمنا العربي.

[email protected]