كأن الرجل لا ضرورة له!

TT

يظهر أنها حكمة الله ألا يعيش الرجال طويلا.. وأن تكون الأرض ومن عليها.. وما عليها للمرأة! وربما خلق الله الرجل أولا ليموت أولا.. فآدم عليه السلام خلقه أولا.. واماته أولا أيضا!

صحيح ان الرجل عضلاته أقوى.. ولكن أعصابه أضعف، والصدمة تقتل الرجل، ولكن المرأة مثل «مانعات الصواعق» تمتص الصدمات والكوارث وتعيش بعدها.. وكل صدمة هي امتحان جديد لاحتمال الرجل وامتحان جديد لاقتدار المرأة، كم من أم فقدت أعز الناس عليها، ولم تمت. كم من أب فقد أعز الناس إليه: فشاب شعره أو أصابه السكر أو تساقطت أسنانه، أو ذبحته الذبحة ولحق بابنه.. وعاشت الزوجة تبكي الابن وتبكي الزوج معا!

وكم من ملايين الرجال يشعلون الحروب التي تأكلهم، وتبقى المرأة بعد ذلك: أرملة ـ أو يتيمة ـ ولكنها تبقى!

واذا انتقلنا الى عالم الحشرات لوجدنا أن الموقف أوضح، فمثلا نجد الانثى عند بعض الحشرات تفترس الذكر بعد ان يقوم بدوره الجنسي.. ومقتل الذكر ـ أو اغتياله ـ ضرورة حيوية.. فالأنثى في حاجة الى مزيد من الطاقة، لكي تحتمل الامومة لعشرات أو مئات من الحشرات.. ولكي تتمكن من إطعام هذه الأسرة الجديدة. فالذكر ـ أو الزوج ـ هو أقرب الأطعمة إليها والى أولادها.. وفى اغتيال الذكر ـ أو الزوج أو الأب.. اختصار لكائن واحد فقط بعد أن قدم للحياة مئات أو ألوف الكائنات الأخرى.. فكأن الحياة أو الجنس أو النوع قد حذف واحدا فقط، ولكنه أضاف المئات. فالحياة إذن ـ قد كسبت الكثير، ولم تخسر إلا القليل!

وعندما أخطأ آدم وحواء عاقبهما الله ـ كما جاء في التوراة ـ بأن يظل آدم يعمل حتى الموت، وتظل حواء تلد حتى تموت.. فالعمل عقوبة للرجل ـ أن يعمل هذه عقوبة وألا يعمل هذه عقوبة أشد، وأن تلد المرأة ليست عقوبة.. وإنما هو عذاب فقط. واكثر الأمهات يجدن في الولادة عذابا ولكنها رغم ذلك على استعداد لأن تتعذب ألف مرة.. فالولادة ليست عقوبة ولكن تربية الأولاد هي العقوبة.. ثم جحود الأولاد بعد ذلك أقصى درجات العقوبة للأم وللأب أيضا ـ وهذه حكمة الحياة! والرجل ـ والذكر ـ مشغول بالعمل.. أي بالنشاط من أجل أن يبقى وأن يبقى غيره أيضا. والأنثى مشغولة بالحياة، بحياتها وحياة صغارها..ولذلك كان الذكر ينسى أن يعيش لأنه يتذكر الا ان يعمل.. والأنثى تنسى ان تعمل ولا تتذكر الا ان تعيش..

فالرجل ـ أو الذكر ـ عمله هو حياته.. والمرأة ـ أو الأنثى ـ حياتها هي عملها.. ودور الأنثى أهم من دور الرجل..والحياة أو حكمة الله حريصة على الأنثى اكثر من حرصها على الذكر.. ولذلك فموت الذكر ـ أو الرجل ـ ليس خسارة فادحة.. ولكن موت المرأة ـ أو الأنثى ـ خسارة فادحة للحياة.. ولغريزة البقاء.. لأن الأنثى هي: حاصلة البقاء ووالدة الحياة!