إذا غضبت مصر

TT

خلال انعقاد مؤتمر القمة العربي الدوري الأول في العاصمة الأردنية عمان.. قام أرييل شارون رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بزيارة إلى واشنطن.. ودخل البيت الأبيض من الباب الخلفي وبلا تكليف على اعتبار ان شارون حبيب وصديق حميم ومسموح له كواحد من أهل الدار ان يدخل البيت الأبيض من الخلف ومن الامام وكما يحلو له.. خصوصا ان بوش الصغير الضاحك وبلا سبب.. لا يرى أي حرج في مرور شارون بالمطابخ والغرف الخاصة الأخرى وصولاً إلى العمق ثم الى المكتب البيضاوي حيث يلتئم شمل الاسرة الاميركية ـ الاسرائيلية! غادر المجرم شارون الى اميركا وعلى شفتيه ابتسامة صفراء هازئة غير مكترث بالمؤتمر ولا بالمؤتمرين وكأن لسان حاله يقول: «طيب يا أولاد «الجارية».. اخطبوا وجعجعوا وقرروا ما تشاءون.. وعندما أعود يا ويلكم مني ويا ظلام ليلكم».

وبأسرع ما توقع من أبناء يعرب المختلفون في عمان على صياغة القرارات المائية العجيبة، عاد شارون وفي جيبه البنتاغون ومجلس الشيوخ.. بعد ان اصدر أمراً حاسماً إلى الادارة الاميركية بالكامل.. بضرورة إلغاء الاعانات والمساعدات لمصر.. وجعل رئيسها مبارك عبرة لمن يعتبر.. حتى لا يكرر رفع صوته هو أو وزير خارجيته السابق، عمرو موسى، في وجه اسرائيل أو يطالب برفع الحصار عن الفلسطينيين..! وبعدم الافراط في قتل اطفالهم ونسائهم بالرصاص والقنابل والصواريخ..! فاسرائيل لها ان تفعل ما تشاء حسب المنطق الشاروني.

أما الرئيس مبارك فتوجه لواشنطن في محاولة لتطهير الآبار التي سممها شارون في البيت الابيض، وليقنع الادارة الاميركية بخطورة ما يقوم به شارون من غطرسة وحماقات، ولكن الرئىس مبارك الهادئ المتزن وصديق اميركا الذي حاول لسنوات عديدة ان يكون عنصراً فعالا ووسيط خير مع كلينتون لاحلال السلام بين العرب واسرائيل.. لم يجد مع الأسف الاهتمام والاستقبال الذي يستحقه من بوش وادارته.. بل وجد صدوداً وبروداً وعبارات بلا معنى عن ضرورة ايقاف العنف الفلسطيني المتمثل بحجارة الاطفال مقابل الصواريخ والمدافع والطائرات الاسرائيلية، أي بالاختصار المفيد وقف العنف والارهاب الفلسطيني ضد الجيش الاسرائيلي المسكين المسالم.

وعاد الرئيس مبارك إلى القاهرة نادماً ويائساً من موقف الادارة الاميركية المنحاز لاسرائيل والمعادي للعرب.. وقبل ان يلتقط انفاسه بادر الى زيارة ألمانيا ورومانيا وروسيا وأجرى محادثات مهمة ووقع اتفاقيات سوف تجبر أميركا واسرائيل على اعادة حساباتهما.. وفي ذلك رسالة واضحة وهي ان مصر اذا غضبت غضب معها العرب والمسلمون.. وهي إيحاء قوي بأن «مرحلة ما قبل اكتوبر 73» يمكن ان تعود وبحجم أكبر وأكثر خطراً..! فهل تفهم أميركا واسرائيل الرسالة أم سيظل بوش الصغير مرتهنا لشارون المغرور؟!