هزي يا حكومة

TT

لا شك ان كل الذين استمعوا الى اغنية «هزي يا حكومة» على LBC في بيروت قبل يومين قد سلطنوا. فالحرية متوفرة الى درجة انك تنتقد اكبر رأس دون ان يطير رأسك والحياة رغدة نظريا ـ دون أم محمد ـ والراقصة التلفزيونية التي وضعوها في «الكليب» تفتح النفس وتساعد على التنفيس، ومن كثرة الاشياء التي تفتح النفس في بيروت لا يريد احد ان ينتبه الى الجانب الحالك وكل ما يسد العيون والحناجر والخياشيم.

ولأن هناك مهام لا يقوم بها احد غير (دعاة النكد) من امثالنا اضطررنا في اليوم ذاته الى قراءة تقرير صادر من بيروت العاصمة الثانية للهز العربي، وفيه ما يفترض ان يسلب النوم ويهز الحكومات فهو لا يخص اللبنانيين وحدهم لأنه عن الوطن العربي قاطبة من محيطه الثائر الى خليجه الهادر.

والتقرير من اعداد الدكتور فيكتور بله المدير الاقليمي لمكتب اليونسكو في بيروت، وقد اعده بمثابة ورقة عمل لندوة آفاق جديدة للتعليم الاساسي في الوطن العربي وهو ببساطة عن الامية والتعليم، وليس عن وزارات الداخلية.

وقبل ان تقول لماذا يهول هذا الكاتب الامور ما دام التقرير ليس امنيا، إليك يا صاح بعض الارقام التي يحتويها ذلك التقرير:

هل تعلم مثلا ان في العالم العربي اكثر من سبعين مليون أمي، يعني ثلث السكان في خمس دول واكثر من نصفهم في دول اخرى، وهل تعلم ان النسبة العالية ليست بين كبار السن الذين سيموتون وينتهي الجدل انما بين الشباب الصاعد الذي يمسك مفاتيح الغد.

ان نسبة الامية بين اليافعين العرب %48 بين الذكور و%77 بين الاناث اما نسبة الالتحاق ببرامج الطفولة المبكرة فتبلغ %15 فقط.

والآن هل تعرف ماذا يعني ان يكون نصف الشباب العربي اميا، وثلاثة ارباع الشابات العربيات اميات..؟

وهل تعرف ماذا يعني ان توجد 14 دولة عربية مشغولة بالهز، وليس عندها من الكوادر ما يؤهلها لتطبيق أية خطة تنمية متكاملة مهما كانت تلك الخطة متواضعة؟

هذه الارقام وهي دولية وموثقة تصدر حكما مخيفا، فإما ان نفعل شيئا عاجلا لتخفيض هذه النسب المهولة من الامية العادية والتقنية او نتفرغ للهز برفقة الحكومات ونقرأ الفاتحة معا على روح المستقبل.