مافيا!

TT

أكاد أجزم أن خلف الكثير من المتسولين الوافدين صنًاع عاهات على درجة من التخصص والاحترافية، تستفيد من ضحاياهم «مافيا» أجنبية شديدة التنظيم والترابط، فليس بالصدفة أن تصبح الطرق معرضا لذوي العاهات.. ففي كل تقاطع مروري في مدينة كجدة تحتل جهاته الأربع عينات من الإعاقات المثيرة، فهذا مجدوع الأنف، وذاك مبتور الذراع، وثالث يزحف على الأرض، ورابع يوشك أن يطير في الهواء بقدم واحدة.. فهل يمكن أن تكون صدفة قد جمعت كل هؤلاء عند تقاطع مروري واحد.. وتتجاوز ذلك التقاطع إلى آخر فيتكرر نفس المشهد بتنوع مختلف في العاهات.

التقيت صدفة قبل أعوام بصحافي أوروبي راح يمطرني بالكثير من الأسئلة مثل: كيف يحصل هؤلاء على تأشيرات دخول إلى السعودية من السفارات بالخارج؟.. ومن يأتي بهم؟.. وأين أجهزة مكافحة التسول؟.. ومن سوء حظه أو تعثر حظي أنني لا أمتلك إجابات للكثير من أسئلته التي طرحها، فمط شفتيه وهو يتركني ربما إلى آخر يمكن أن يجد لديه إجابات لتساؤلاته.

أعرف أن في كل مدينة جهة تعنى بمكافحة التسول لكن لا حول لها ولا قوة، فلقد قرأت منذ نحو عامين تصريحا لمدير إدارة مكافحة التسول في وزارة الشؤون الاجتماعية يعترف فيه صراحة بعجز وزارة الشؤون الاجتماعية عن أن تواجه وحدها هذه الظاهرة، ولديه الحق في كل ما قال، ففي الوقت الذي أدلى فيه بتصريحه كان عدد المتسولين في مدينة جدة ـ حسب إحصائيات الوزارة ـ 7159 متسولا، وفي مكة المكرمة 5759، وفي مدينة أبها 3840، وفي الرياض 2600، وفي المدينة المنورة 1600، فلو فرًغنا كل العاملين في وزارة الشؤون الاجتماعية من أعمالهم الحيوية والأساسية ليستهدفوا فقط مكافحة التسول لتاهوا بعددهم المتواضع وسط هذه الجموع الهائلة من المتسولين.. وليس بين يدي إحصائية حالية لأعداد المتسولين الآن، لكن يبدو لي أنهم في حالة تزايد عما كانوا عليه قبل عامين.

ولا أدري إن كان من ضمن اختصاصات رجال الشرطة في المدن مكافحة التسول أم لا، لكن ما أراه أن جحافل المتسولين تتوزع الشوارع بقدر كبير من الطمأنينة التي لا يعكر صفوها شيء، والأمر لا يحتاج إلى إثبات فكل الطرق مسكونة بهؤلاء المتسولين الذين يتقاسمون الإشارات المرورية على مدى 24 ساعة دون انقطاع.. فمن المسؤول عن استمرار هذه الظاهرة؟.

[email protected]