اقلع عينيك كي نعفيك

TT

صرّح مصدر مسؤول في المخابرات الكورية الجنوبية: أن زعيم كوريا الشمالية (كيم يونغ ايل)، يستخدم أكثر من شخص يشبهه بهدف الظهور مكانه في المناسبات العامة خوفاً من التعرض للاغتيال.. عندما قرأت هذا التصريح تذكرت رجلا من رجال البادية عندما كان عندي قبل فترة من الزمن، وكان التلفزيون وقتها مفتوحاً على نشرة الأخبار، وورد فيه أنه قد عمّمت على المطارات الأوروبية صور ثمانية إرهابيين من منظمة الجيش الأحمر اليابانية، للقبض عليهم.

فما كان من ذلك البدوي إلاّ أن قال متعجباً ومتهكماً: «من عين الفارة اللي بذنبها خيط»!! ـ أي مَن هو الذي يستطيع أن يجد الفارة التي بذنبها خيط معقود ـ ، وذلك لاعتقاده أن من المستحيل التمييز بين ملامح اليابانيين، فكلّهم في ظنه متشابهون.

هذا صحيح إلى حدّ ما، غير أنه بالمقابل فإن اليابانيين أو الكوريين أو الصينيين، ينظرون لملامحنا نحن العرب وكأننا نسخ متطابقة كذلك، ولقد سمعت هذا الرأي من أحدهم.

على أية حال أتمنى للزعيم الشمالي عمراً مديداً إلى أن (يرثه) ابنه على الرئاسة وزعامة الحزب (الثوري الشيوعي)، مثلما (ورث) هو الرئاسة والزعامة من والده.

***

أيام محمد علي باشا الكبير، الذي حكم مصر، اهتمّ أول ما اهتمّ بترسيخ حكمه وتصفية منافسيه، فانتهوا بمذبحتهم الشهيرة بالقلعة، فقد دعاهم لوليمة عشاء، ثم تعشّى هو بهم دفعة واحدة، وبعد أن اطمأن إلى أنه أصبح الحاكم الأوحد، ذهب إلى بناء جيش قوي يحقق طموحاته، والغريب أن العثمانيين تساهلوا معه وأمدّوه بالرجال والعتاد خصوصاً عندما بدأ حملاته على الجزيرة العربية، وشجعوا أهل المغرب كذلك للانخراط في جيشه، والأغرب من الغريب كذلك، أن بريطانيا ـ كما قرأت لرحالة إنجليزي عايش تلك الفترة ـ ساهمت بدعم محمد علي في حروبه تلك، وأثبتت الوثائق أن هناك سفناً بريطانية محمّلة بالأسلحة كانت تصل إلى الإسكندرية، ولم تتفق تلك الأطراف الثلاثة إلاّ عندما قررت إسقاط الدولة السعودية الأولى.. وكانت حرباً شرسة غير متكافئة، إذا أن عرب الجزيرة في ذلك الوقت لم يعرفوا الأسلحة النارية إطلاقاً إلاّ من بعض ما غنموه من أعدائهم، كما أن المدافع التي دكّت بها الجيوش الغازية الأسوار الطينية هي التي قلبت الموازين، ولم تسقط مدينة الدرعية بأيديهم إلاّ بعد أن سقط تحت أسوارها ما لا يقل عن ثلاثة عشر ألفاً من جيش محمد علي.

ولمعرفة القسوة التي كانت تمارس على الشباب لعدم الالتحاق بذلك الجيش، ندرك ان الأهالي كانوا يلجأون إلى قلع أحد أعين أبنائهم للتخلص من الخدمة، فما كان من محمد علي إلاّ أن ينشئ كتيبتين في جيشه كلها كانت من (العوران)، وقد خاطب الأهالي قائلاً: «إنني لن أعفي أي شاب من الالتحاق بالجيش إلاّ إذا خلع عينيه الاثنتين وأصبح أعمى، فساعتها سوف نتبرع له (بعصا) تهديه!».

[email protected]