كيف يفكر الشيعة والسنة والمسيحيون؟

TT

رغم أنها بالفعل أزمة بين السياسيين في لبنان لكن لا بد من الاعتراف بأنها باتت شعبية وطائفية. لهذا فإن مقر رئاسة الحكومة، الذي لا يزال يسميه اللبنانيون بالمصطلح التركي السراي، محاط بأغلبية ساحقة من الشيعة الذين استنفرهم حزب الله في وجه أغلبية سنية ومسيحية ودرزية في أول صدام طائفي منذ نهاية الحرب الأهلية قبل نحو15 عاما.

وفي استطلاع نشر حديثا نستطيع أن نكتشف حجم الضرر الكبير الذي ألحقه السياسيون بمواطنيهم طائفيا، حيث دفعوهم نحو التخندق وراء أفكارهم.

ولنأخذ كيف يفكر كل طرف. ففي الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله اعتبرت أغلبية السنة والمسيحيين والدروز أن الشعب اللبناني هو الخاسر، في حين أن غالبية الشيعة رأت ان إسرائيل هي من خسر الحرب. وليس في الماضي فقط، بل إن نصف الشيعة يعتقدون بوجوب استمرار محاربة إسرائيل حتى لو أعادت كل الأراضي المحتلة، وبقية اللبنانيين تخالفهم الرأي. وعندما سئل اللبنانيون عن رأيهم في البرنامج النووي الإيراني ساندت الأغلبية الشيعية إيران، في حين عارض السنة والمسيحيون والدروز ذلك. ويبدو التعصب والشحن الطائفي أكثر وضوحا في الرؤية الخارجية البعيدة. فقد قالت أغلبية الشيعة المستفتاة إن روسيا هي دولتهم العظمى المفضلة، في حين اتفق المسيحيون والسنة والدروز على أن فرنسا هي الأفضل.

وبطبيعة الحال ما كان ممكنا أن يتفق أبناء طائفة واحدة في معظمهم على إجابات موحدة إلا بسبب الشحن الدعائي الذي أطلقه السياسيون اللبنانيون والدول المنغمسة في الصراع في لبنان. وهذا التوحد في التفكير يعني عمليا أن لبنان انقسم الى ساحة من فريقين بغض النظر عن أقلية من مسيحيين وسنة وشيعة ودروز عبروا الشارع الى الرصيف الآخر. وهذه بكل أسف دلائل حقيقية على تعصب طائفي يملأ النفوس بالكراهية، ولن ينقشع بانقشاع الغمامة حول الحكومة أو المحكمة أو غيرها. ففي حين كل ما يهم السياسيين هو الكسب الآني، كما نرى في معركة الحكومة الحالية، لكن كيفما انتهت فإن الناس من شيعة وسنة ومسيحيين ودروز قد دفعوا الى الشارع مدشنين طلائع حرب أهلية جديدة.

إن القول القديم بأن المرابع السياسية اللبنانية تتحول بسبب المنافسة الى دكاكين للتأجير، قول مخجل ومعيب، لكنه بكل أسف يتجلى اليوم بوضوح. نرى الأطراف الفاعلة لا تبالي بالنتائج المدمرة بجر البلاد نحو حرب جديدة. لم يحتج أحد من المحسوبين على إيران عندما سمعوا المرشد آية الله خامنئي يقول على رؤوس الأشهاد إن بلاده ستهزم أميركا في لبنان، في حين أن السفن الأميركية لا تبعد عن الشاطئ الإيراني الغربي إلا بضعة كيلومترات. لماذا يريد الحرب في لبنان، في حين أن بإمكان قواته الإيرانية محاربتها مباشرة لا مقاتلة الأميركيين بالوكالة عبر اللبنانيين؟ كما يحارب السوريون إسرائيل في جنوب لبنان في حين ينعم الجولان بالسلام ثلاثين سنة ونيف.