وكان عبد القادر خان هو السبب!

TT

رصدت المخابرات البريطانية والأمريكية عددا من السفن تقف طويلا وليلا في ميناء تارانتو في أقصى الجنوب من ايطاليا ومن هذه السفن تنزل صناديق في طريقها إلى ليبيا. وكان هذا هو أول الخيط في شبكة اليورانيوم التي يديرها العالم الباكستاني عبد القادر خان..

وكان الهدف تزويد ليبيا باليورانيوم تمهيدا لتخصيبه وصناعة قنبلة ذرية. واتسع نطاق هذه الشبكة السرية أو السوبر ماركت النووي إلى إيران وكوريا الشمالية. هم يدفعون بالملايين وهو ومعاونوه من الألمان والهولنديين يكسبون عشرات الملايين..

وكان عبد القادر خان وطنيا متطرفا يريد أن يزود بلده بالقنبلة الذرية.. وكان بلده على علم بنشاطه ويذكر له ذلك ويشكره وييسر له المال والحركة.. والمخابرات الأمريكية ترصده خطوة بخطوة وفي نفس الوقت لا تريد أن تقامر بالصداقة التقليدية بين باكستان وأمريكا. فباكستان هي التي تساعد المجاهدين في أفغانستان ضد القوات السوفيتية.. واتسع نشاط عبد القادر خان فكان يلتقي الزبائن في اسطنبول وفي أماكن أخرى من جنوب أفريقيا. والبضاعة هي أنواع من اليورانيوم المخصب أو الذي يمكن تخصيبه من اجل رؤوس نووية أو قنابل نووية..

وانتقل عبد القادر خان من إيران إلى صدام حسين. ففي الحرب الأولى على الكويت اكتشف الأمريكان بعض التعاقدات مع عبد القادر خان. وفي الحرب على العراق نفسها تم تفتيشه تفتيشا دقيقا لم يجدوا أسلحة الدمار الشامل ولكن وجدوا تعاقدات مع شبكة عبد القادر خان على تزويد العراق بمفاعلات وبكميات كبيرة من اليورانيوم المخصب من مفاعلات سرية في جنوب أفريقيا..

وحاولت كل أجهزة المخابرات محاصرة عبد القادر خان ومعرفة نقاط ضعفه. لم يجدوا إلا نقطة ضعف واحدة هي: الفلوس.. الجشع الشديد. وتكدست الملايين فوق الملايين. وكان لا بد أن تتخذ الحكومة الباكستانية موقفا صارما. وكان لها موقف. فاعتقلت عبد القادر خان في بيته.. فقد اعترف بكل شيء. ومن المؤكد انه رجل وطني. وهذا هو الذي يشفع له. وهو مريض بالسرطان ويكفيه عذابا..

ورفضت حكومة باكستان أن تتصل به أية هيئة علمية أو مخابراتية لمعرفة من هي الدول الأخرى التي باع لها اليورانيوم ثم أعطاها تصميمات المفاعلات والتي لا يعرفها احد. ولكن الحكومة أصرت على الرفض. وسوف يموت عبد القادر خان وكثير من الأسرار يحملها إلى قبره؟!