حياة بلدنا

TT

أكرر دائما ما كتب شوقي وغنى عبد الوهاب «النيل نجاشي حليوة أسمر»، وارتكب في ذلك خطأ في حق الثلاثة الكبار من ينابيع مصر: النيل وشوقي ومحمد عبد الوهاب. وصحيح شوقي هو: «النيل نجاشي، حليوة اسمر، عجب للونه، دهب ومرمر، أرغوله فى ايده يسبح لسيده، حياة بلدنا، يارب زيده». وقد قرأت النص فى مقالة للأستاذ مرسي سعد الدين في «الأهرام» متحدثا عن صدور كتاب جديد عن النيل. كانت مصر هبة النيل وستبقى. واعتقد ان جزءا كبيرا من حل مشكلاتها الاقتصادية لا يزال فى النيل. وكما ادخلت دبي البحر في البر والبر في البحر، لا بد ان تمد مصر المزيد من النيل في المزيد من الصحراء. وتملك مصر بحرا آخر، هو بحر الاهرام والاقصر ووادي الملوك وسبعة آلاف سنة من التاريخ. لكن فما يأتي الى إسبانيا من السياح ما يزيد على عدد سكانها لا يأتي الى مصر منهم ما يوازي عدد سكان الجيزة. أو المعادي. وهناك أيضا ألف سبب، اولها ان التطرف يستهدف دائما ضرب مرافق الاقتصاد والحياة وينابيع الدخل. ويريد ان تظل الدولة مفتقرة لكي يحل مكانها في تقديم المساعدات والمعونات، وهي في الغالب لا تزيد على شيء من اللقمة والعلاج. لكن في بلد مثل مصر يشكل ذلك الكثير. فاللقمة صعبة على الألوف والعلاج بعيد عليهم. وتستخدم التنظيمات في مخاطبة الفقراء لغة الأدعية والروح وكيف شبعت مصر في عصر يوسف الصديق. وهذه لغة ممنوع على الدولة استخدامها. فهي عبارة عن وزارات وادارات ملزمة.

كيف تحل المعضلة الكبرى في مصر؟ اياك ان تقترح تنظيم الأسرة. وليس الانفتاح هو الحل، كما يقول الدكتور جلال أمين في «ماذا حدث للمصريين» (دار الشروق). وليس طبعا النموذج اللبناني. فهو يحمل معه الفوضى والمال الأجنبي والخروقات السياسية ويجعل البلد سريع العطب. ولا أدري إلى أي مدى ذلك دقيق. فالدولة الثانية في تقديم المساعدات لمصر مثلا، هي ايطاليا. دولة غير سياسية. ولست أرى ما هو الضرر في الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها دولة الإمارات. وهناك طبعا من أساءوا الى مصر كما هناك من يسيئون من جميع الأمم في كل الأزمات. وثمة قضايا فساد كثيرة. لكن ذاكرة الناس قصيرة جدا ولا تستطيع أن تقارن بين ما كانت عليه مصر قبل الحرية وبعدها. ولم يحقق حسني مبارك الدولة النموذجية، لكنه الرجل الذي أعاد الأحزاب والصحف وخفف من وطأة السجون، ولكن لم يغلقها. وليس من ذنبه ان تستغل بعض الصحف الحرية وتحولها الى شتم وسب يعطل عمل المحاكم المليئة بالدعاوى. ولكن لماذا يضيق صدر الدولة بالمظاهرات وحركة «كفاية» وطلاب حرم الجامعة الأمريكية. لا أدري. لكنني ايضا لا أدري كيف سيستقبل 20 مليون بشري نزول آلاف الناس إلى شوارع المدينة، المختنقة اصلا بالناس والمشلولة بالزحام.

إلى اللقاء..