الخطة ب

TT

أشار أكثر من مسؤول امريكي وعراقي الى انه في حال فشل الوضع الحالي سيتم اعتماد الخطة ب.

وقد حيرتني الباء كثيرا لأنها لم تكشف معانيها. خلتها في البداية اعلان قيام حكومة عسكرية تتناسب مع الوضع الطارئ المستمر الذي يبدو فيه عجز المدنيين واضحا. ظننتها إعادة هيكلة البلاد الى أقاليم وتفكيكها بما يخفف الاحتقان الاداري والشعبي. ظننتها اعلان مصالحة شاملة تقدم فيها تنازلات للمنبوذين من شيعة وسنة وبعثيين وناقمين.

لكن الخطة المرموز لها بـ«ب» اتضح انها ليست الا تحويل الدولة الى نظام حزبي ديني يشرف عليه المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، شيعي، والحزب الاسلامي، اخوان مسلمين سني، الى جانب الحزبين الكرديين.

يعني عمليا تقليص حجم المشاركين في النظام السياسي الى النصف تقريبا، وهو أمر يتناقض مع طبيعة الأزمة الحالية التي علتها الرئيسية عدم تمثيلها لكل الفئات العراقية.

الخطة «ب» ستقوض الاسس الديموقراطية التي مر بها العراق ثلاث سنوات دامية، وحكمها خلالها رئيسان وثلاثة رؤساء حكومات وبرلمانان وتأسس فيها دستور. دفع فيها نحو مائتا الف عراقي ثمنا باهظا بحياتهم في سبيل اقامتها، و«باء» في الأخير لن تكون افضل من الخطة ألف، لأن المسلحين لن ينقصوا عددا بل سيزدادون بطرد المزيد من المشاركين الى الشارع.

ان العراق يحتاج الى اصرار على اصلاح الخطة «أ» بإشراك المزيد من العراقيين في الحكم، وتعديل الدستور بما يحفظ الحقوق الاساسية للمواطن العراقي والأقليات، واعتباره مرجعا اساسيا عند كل خلاف. العراقيون يحتاجون الى تنظيف الوزارات المكلفة بالأمن التي صارت فضيحة في انحاء العالم بسبب كثرة الجرائم المنسوبة اليها، والتي من الواضح عجز الحكومة الحالية عن اصلاحها. ولو اصلح حال اجهزة الأمن في العراق لأمكن للحكومة من أن تفرض مشروعها السياسي والاقتصادي وتدور عجلة الحياة الطبيعية.

ويتبقى في حال اثبات استمرار العجز وضرورة التغيير، اللجوء إلى حكومة طوارئ عسكرية تكون هي المظلة لإعادة ترتيب البيت السياسي العراقي بقوة السلاح، أي ما أسميه الخطة ج. وهي خيار يلجأ اليه فقط عندما يتضح بشكل جلي ان النظام الحالي يترنح، ولم يعد بد من استبداله بصيغة الطوارئ المألوفة في العالم.

ومع انني لا أقلل من خطر المسلحين، ارهابيين وشبه ارهابيين، في صحاري غرب العراق او في ادغال وزارة الداخلية، إلا ان الحكومة الحالية تستطيع ان تبذل جهدا اكبر من اجل تلافي الخطة «ب» و«ج». ان نقطة ضعف الحكومة في داخلها، ليسوا البعثيين ولا ارهابيي القاعدة، بل الذين دخلوا النظام السياسي وشاركوا فيه ويسيئون استخدامه او يهاجمونه، او يمارسون العنف والانتقام بقوة السلاح في الشوارع. هؤلاء هم من يضعفون النظام ويهشمون البناء الجديد بسبب خلافات داخلية بينهم. هؤلاء سيخسرون كل ما كسبوه في السنوات الماضية، لان الفوضى ستقود حتما الى انهيار آخر اعمدة النظام واندلاع حرب اهلية او حكومة عسكرية.

[email protected]